تذكرت حين جذبتني ولا شك أن المكان الذي يمكن الجذب عنه ما دون القامة وكذا الدكان المذكور يقع على المتعارف وهو ما دون القامة ولان كثير المخالفة بين الامام والقوم يمنع الصحة فقليلها يورث الكراهة ولان هذا صنيع أهل الكتاب وإن كان امام أسفل من القوم يكره في ظاهر الرواية وروى الطحاوي عن أصحابنا انه لا يكره ووجهه ان الموجب للكراهة التشبه باهل لا كتاب في صنيعهم ولا تشبه ههنا لان مكان امامهم لا يكون أسفل من مكان القوم وجواب ظاهر الرواية أقرب إلى الصواب لان كراهة كون المكان ارفع كان معلولا بعلتين التشبه بأهل الكتاب ووجود بعض المفسد وهو اختلاف المكان وههنا وجدت احدى العلتين وهي وجود بعض المخالفة هذا إذا كان الامام وحده فإن كان بعض القوم معه اختلف المشايخ فيه فمن اعتبر معنى التشبه قال لا يكره وهو قياس رواية الطحاوي لزوال معنى التشبه لان أهل الكتاب لا يشاركون الامام في المكان ومن اعتبر وجود بعض المفسد قالا يكره وهو قياس ظاهر الرواية لوجود بعض المخالفة وأما في حالة العذر كما في الجمع والأعياد لا يكره كيفما كان لعدم امكان المراعاة ويكره للمار ان يمر بين يدي المصلى لقول النبي صلى الله عليه وسلم لو علم المار بين يدي المصلى ما عليه من الوزر لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه ولم يوقت يوما أو شهرا أو سنة ولم يذكر في الكتاب قدر المرور واختلف المشايخ فيه قال بعضهم قدر موضع السجود وقال بعضهم مقدار الصفين وقال بعضهم قدر ما يقع بصره على المار لو صلى بخشوع وفيما وراء ذلك لا يكره وهو الأصح وينبغي للمصلى ان يدرأ الما رأى يدفعه حتى لا يمر حتى لا يشغله عن صلاته لما روى عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقطع الصلاة مرور شئ فادرؤا ما استطعتم ولو مر لا تقطع الصلاة سواء كان المار رجلا أو امرأة لما نذكر في موضعه الا انه ينبغي ان يدفع بالتسبيح أو بالإشارة أو الاخذ بطرف ثوبه من غير مشى ومعالجة شديدة حتى لا تفسد صلاته ومن الناس من قال إن لم يقف بإشارته جاز دفعه بالقتال لحديث أبي سعيد الخدري انه كان يصلى فأراد ابن مروان ان يمر بين يديه فأشار إليه فلم يقف فلما حاذاه ضربه في صدره ضربة أقعده على استه فجاء إلى أبيه يشكو أبا سعيد فقال لم ضربت ابني فقال ما ضربت ابنك إنما ضربت شيطانا فقال لم تسمى ابني شيطانا فقال لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا صلى أحدكم فأراد مار أن يمر بين يديه فليدفعه فان أبى فليقاتله فإنه شيطان ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم ان في الصلاة لشغلا يعنى أعمال الصلاة والقتال ليس من أعمال الصلاة فلا يجوز الاشتغال به وحديث أبي سعيد كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحا ومن المشايخ من قال إن الدرء رخصة والأفضل ان لا يدرأ لأنه ليس من أعمال الصلاة وكذا روى امام الهدى الشيخ أبو منصور عن أبي حنيفة ان الأفضل ان يترك الدرء والامر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة كالأمر بقتل الأسودين هذا إذا لم يكن بينهما حائل كالأسطوانة ونحوها فاما إن كان بينهما حائل فلا بأس بالمرور فيما وراء الحائل والمستحب لمن يصلى في الصحراء ان ينصب بين يديه عودا أو يضع شيئا أدناه طول ذراع كي لا يحتاج إلى الدرء لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة وروى أن العنزة كانت تحمل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتركز في الصحراء بين يديه فيصلى إليها حتى قال عون بن جحيفة عن أبيه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء في قبة حمراء من أدم فأخرج بلال العنزة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى إليها والناس يمرون من ورائها وإنما قدر أدناه بذراع طولا دون اعتبار العرض وقيل ينبغي أن يكون في غلظ إصبع لقول ابن مسعود يجزئ من السترة السهم ولان الغرض منه المنع من المرور وما دون ذلك لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع ويدنو من السترة لقوله صلى الله عليه وسلم من صلى إلى سترة فليدن منها فإن لم يجد سترة هل يخط بين يديه خطا حكى أبو عصمة عن محمد أنه قال لا يخط بين يديه فان الخط وتركه سواء لأنه لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع فلا يحصل المقصود ومن الناس من قال يخط بين يديه خطا اما طولا شبه ظل السترة أو عرضا شبه المحراب لقوله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة فإن لم
(٢١٧)