التحيات الناميات الزاكيات المباركات الطيبات لله والباقي كتشهد ابن مسعود رضي الله عنه ومن الناس من اختار تشهد أبى موسى الأشعري وهو أن يقول التحيات لله الطيبات والصلوات لله والباقي كتشهد ابن مسعود وفى هذا حكاية فإنه روى أن اعرابيا دخل على أبي حنيفة فقال أبوا وأم بواوين فقال بواوين فقال الاعرابي بارك الله فيك كما بارك في لاولا ثم ولى فتحير أصحابه فسألوه عن سؤاله فقال إن هذا سألني عن التشهد أبواوين كتشهد ابن مسعود أم بواو كتشهد أبى موسى الأشعري فقلت بواوين قال بارك الله فيك كما بارك في شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية وإنما أوردت هذه الحكاية ليعلم كمال فطنة أبى حنية ونفاذ بصيرته حيث كان يقف على المراد بحرف تغمده الله برحمته احتج الشافعي بأن ابن عباس كان من شبان الصحابة وإنما كان يختار ما استقر عليه الامر فاما بان مسعود فهو من الشيوخ ينقل ما كان في الابتداء كما نقل عنه التطبيق وغيره ولان هذا موافق لكتاب الله لان فيه وصف التحية بالبركة على ما قال الله تعالى تحية من عند الله مباركة طيبة وفيه ذكر السلام منكرا كما قوله تعالى سلام على نوح في العالمين سلام على إبراهيم سلام على موسى وهارون سلام قولا من رب رحيم فكان الاخذ به أولى احتج مالك بأن عمر رضي الله عنه علم الناس التشهد بهذه الصفة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا ما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وعلمني التشهد كما كان يعلمني السورة من القرآن وقال قل التحيات لله والصلوات والطيبات إلى آخرها وقال إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك وأخذ اليد عند التعليم لتأكيد التعليم وتقريره عند المتعلم وكذا أمر به بقوله قل وكذا علق تمام الصلاة بهذا التشهد فمن لم يأت به لا توصف صلاته بالتمام ولان هذا التشهد هو المستفيض في الأمة الشائع في الصحابة فإنه روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه انه علم الناس التشهد على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان اجماعا وكذا روى ابن عمر عن الصديق رضي الله عنهم ا انه كان يعلم الناس التشهد كما يعلم الصبيان في الكتاب وذكر مثل تشهد ابن مسعود وكذا روى عن معاوية انه علم الناس التشهد على المنبر على نحو ما نقله ابن مسعود وكذا المروى عن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد وذكر تشهد ابن مسعود وكذا المروى عن عائشة رضي الله عنها وقالت هكذا تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان تشهد ابن مسعود أبلغ في الثناء لان الواو توجب عطف بعض الكلمات على البعض فكان كل لفظ ثناء على حدة وفيما ذكره ابن عباس اخراج الكلام مخرج الصفة فيكون الكل كلاما واحدا كما في اليمين فان قوله والله والرحمن والرحيم ثلاثة أيمان وقوله والله الرحمن الرحيم يمين واحد وكذا السلام في هذا التشهد مذكور بالألف واللام وفى ذلك التشهد مذكور على طريق التنكير ولا شك ان اللام أبلغ لان اللام لاستغراق الجنس مع أن هذا موافق لكتاب الله أيضا قال الله تعالى والسلام على من اتبع الهدى والسلام على يوم ولدت وما ذكر الشافعي من الترجيح غير سديد لأنه يؤدى إلى تقديم رواية الاحداث على رواية المهاجرين واحد لا يقول به وما ذكره مالك ضعيف فان أبا بكر رضي الله عنه علم الناس التشهد على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو تشهد ابن مسعود فكان الاخذ به أولى وأما مقدار التشهد فمن قوله التحيات لله إلى قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ويكره أن يزيد في التشهد حرفا أو يبتدئ بحرف قبله لما روى عن ابن مسعود أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخذ علينا التشهد بالواو والألف فهذا نص على أنه لا يجوز الزيادة عليه وما نقل في أول التشهد باسم الله وبالله أو باسم الله خير الأسماء وفى آخره أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فشاذ لم يشتهر فلا يقبل في معارضة المشهور وكذا لا يزيد على هذا المقدار من الصلوات والدعوات في القعدة الأولى عندنا وعند مالك والشافعي يزيد عليه اللهم صل على محمد واحتجا بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفى كل ركعتين فتشهد وسلم على المرسلين وعلى من تبعهم من عباد الله الصالحين ولنا ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان لا يزيد في الركعتين الأوليين على التشهد وروى أنه كان يسرع النهوض في الشفع الأول ولا يزيد على التشهد ولان الزيادة على التشهد
(٢١٢)