وقال وقدر القراءة في الفجر للمقيم قدر ثلاثين آية إلى ستين آية سوى الفاتحة في الركعة الأولى وفى الثانية ما بين عشرين إلى ثلاثين وفى الظهر في الركعتين جميعا سوى فاتحة الكتاب مثل القراءة في الركعة الأولى من الفجر وفى العصر والعشاء يقرأ في كل ركعة قدر عشرين آية سوى فاتحة الكتاب وفى المغرب في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة من قصار المفصل قال وهذه الرواية أحب الروايات التي رواها المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ويحتمل أن يكون اختلاف مقادير القراءة في الصلوات لاختلاف أحوال الناس فوقت الفجر وقت نوم وغفلة فتطول فيه القراءة كيلا تفوتهم الجماعة وكذا وقت الظهر في الصيف لأنهم يقيلون ووقت العصر وقت رجوع الناس إلى منازلهم فينقص عما في الظهر والفجر وكذا وقت العشاء وقت عزمهم على النوم فكان مثل وقت العصر ووقت المغرب وقت عزمهم على الاكل فقصر فيها القراءة لقلة صبرهم عن الاكل خصوصا للصائمين وهذا كله ليس بتقدير لازم بل يختلف باختلاف الوقت والزمان وحال الامام والقوم والجملة فيه انه ينبغي للامام ان يقرأ مقدار ما يخف على القوم ولا يثقل عليهم بعد أن يكون على التمام لما روى عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه قال آخر ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أصلى بالقوم صلاة أضعفهم وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من أم قوما فليتصل بهم صلاة أضعفهم فان فيهم الصغير والكبير وذا الحاجة وروى أن قوم معاذ لما شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطويل القراءة دعاه فقال أفتان أنت يا معاذ قالها ثلاثا أين أنت من والسماء والطارق والشمس وضحاها قال الراوي فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد منه في تلك الموعظة وعن أنس رضي الله عنه أنه قال ما صليت خلف أحد أتم وأخف مما صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في صلاة الفجر يوما فلما فرغ قالوا أو جزت فقال صلى الله عليه وسلم سمعت بكاء صبي فخشيت على أمه أن تفتتن دل أن الامام ينبغي له أن يراعى حال قومه ولان مراعاة حال القوم سبب لتكثير الجماعة فكان ذلك مندوبا إليه هذا الذي ذكرنا في المقيم فاما المسافر فينبغي أن يقرأ مقدار ما يخف عليه وعلى القوم بأن يقرأ الفاتحة وسورة من قصار المفصل لما روى عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر صلاة الفجر فقرأ بفاتحة الكتاب والمعوذتين ولان السفر مكان المشقة فلو قرأ فيه مثل ما يقرأ في الحضر لوقعوا في الحرج وانقطع بهم السير وهذا لا يجوز ولهذا أثر في قصر الصلاة فلان يؤثر في قصر القراءة أولى ويستحب للامام أن يفضل الركعة الأولى في القراءة على الثانية في الفجر بالاجماع وأما في سائر الصلوات فيسوى بينهما عند أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد يفضل في الصلوات كلها وكذا هذا الاختلاف في الجمعة والعيدين واحتج محمد بما روى أبو قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركعة الأولى على غيرها في الصلوات كلها ولان التفضيل تسبيب إلى ادراك الجماعة فيفضل كما في صلاة الفجر ولهما ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الجمعة سورة الجمعة في الركعة الأولى وفى الثانية سورة المنافقين وهما في الآي مستويتان وكان يقرأ في الأولى سورة الاعلى وفى الثانية الغاشية وهما مستويتان ولأنهما مستويتان في استحقاق القراءة فلا تفضل إحداهما على الأخرى الا لداع وقد وجد الداعي في الفجر وهو الحاجة إلى الإعانة على ادراك الجماعة لكون الوقت وقت نوم وغفلة فكان التفضيل من باب النظر ولا داعى له في سائر الصلوات لكون الوقت وقت يقظة فالتخلف عن الجماعة يكون تقصيرا والمقصر لا يستحقق النظر وأما الحديث فنقول كان يطيل الركعة الأولى بالثناء في أول الصلاة لا بالقراءة والمستحب أن يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة تامة كذا ورد في الحديث ولو قرأ سورة واحدة في الركعتين قال بعض المشايخ يكره لأنه خلاف ما جاء به الأثر وقال عامتهم لا يكره وكذا روى عيسى بن أبان عن أصحابنا أنه لا يكره وروى في ذلك حديثا باسناده عن ابن مسعود أنه قرأ في الفجر سورة بني إسرائيل إلى قوله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن في الركعة الأولى ثم قام إلى الثانية وختم السورة ولو جمع بين السورتين في ركعة
(٢٠٦)