على النوافل ثم الامام إذا كان في الركوع فسمع خفق النعل ممن دخل المسجد هل ينتظره أم لا قال أبو يوسف سألت أبا حنيفة وابن أبي ليلى عن ذلك فكرهاه وقال أبو حنيفة أخشى عليه أمرا عظيما يعنى الشرك وروى هشام عن محمد انه يكره ذلك وعن أبي مطيع انه كان لا يرى به بأسا وقال الشافعي لا بأس به مقدار تسبيحة أو تسبيحتين وقال بعضهم يطول التسبيحات ولا يزيد على العدد وقال أبو القاسم الصفار إن كان الرجل غنيا لا يجوز له الانتظار وإن كان فقيرا يجوز وقال الفقيه أبو الليث إن كان الامام قد عرف الجاني فإنه لا ينتظره لأنه يشبه الميل وان لم يعرفه فلا بأس به لان في ذلك إعانة على الطاعة وإذا اطمأن راكعا رفع رأسه وقال سمع الله لمن حمده ولم يرفع يديه فيحتاج فيه إلى بيان المفروض والمسنون اما المفروض فقد ذكرناه وهو الانتقال من الركوع إلى السجود لما بينا أنه وسيلة إلى الركن فاما رفع الرأس وعوده إلى القيام فهو تعديل الانتقال وانه ليس بفرض عند أبي حنيفة ومحمد بل هو واجب أو سنة عندهما وعند أبي يوسف والشافعي فرض على ما مر وأما سنن هذا الانتقال فمنها ان يأتي بالذكر لان الانتقال فرض فكان الذكر فيه مسنونا واختلفوا في ماهية الذكر والجملة فيه ان المصلى لا يخلوا ما إن كان اماما أو مقتديا أو منفردا فإن كان اماما يقول سمع الله لمن حمده ولا يقول ربنا لك الحمد في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي يجمع بين التسميع والتحميد وروى عن أبي حنيفة مثل قولهما احتجوا بما روى عن عائشة رضي الله عنه ا انها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد وغالب أحواله كان هو الامام وكذا روى أبو هريرة رضي الله عنه ولان الامام منفرد في حق نفسه والمنفرد يجمع بين هذين الذكرين فكذا الامام ولان التسميع تحريض على التحميد فلا ينبغي ان يأمر غيره بالبر وينسى نفسه كيلا يدخل تحت قوله تعالى أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب واحتج أبو حنيفة بما روى أبو موسى الأشعري وأبو هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما جعل الامام اماما ليؤتم به فلا تختفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا وإذا قال ولا الضالين فقولوا آمين وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد قسم التحميد والتسميع بين الامام والقوم فجعل التحميد لهم والتسميع له وفى الجمع بين الذكرين من أحد الجانبين ابطال هذه القسمة وهذا لا يجوز وكان ينبغي ان لا يجوز للامام التأمين أيضا بقضية هذا الحديث وإنما عرفنا ذلك لما روينا من الحديث ولان اتيان التحميد من الامام يؤدى إلى جعل التابع متبوعا والمتبوع تابعا وهذا لا يجوز بيان ذلك ان الذكر يقارن الانتقال فإذا قال الامام مقارنا للانتقال سمع الله لمن حمده يقول المقتدى مقارنا له ربنا لك الحمد فلو قال الامام بعد ذلك لوقع قوله بعد قول المقتدى فينقلب المتبوع تابعا والتابع متبوعا ومراعاة التبعية في جميع اجزاء الصلاة واجبة بقدر الامكان وحديث عائشة رضي الله عنها محمول على حالة الانفراد في صلاة الليل وقولهم الامام منفرد في حق نفسه مسلم لكن المنفرد لا يجمع بين الذكرين على احدى الروايتين عن أبي حنيفة ولان ما ذكرنا من معنى التبعية لا يتحقق في المنفرد فبطل الاستدلال وأما قولهم إنه يأمر غيره بالبر فينبغي أن لا ينسى نفسه فنقول إذا أتى بالتسميع فقد صار دالا على التحميد والدال على الخير كفاعله فلم يكن ناسيا نفسه هذا إذا كان اماما فإن كان مقتديا يأتي بالتحميد لا غير عندنا وعند الشافعي يجمع بينهما استدلالا بالمنفرد لان الاقتداء لا أثر له في اسقاط الأذكار بالاجماع وان اختلفا في القراءة (ولنا) ان النبي صلى الله عليه وسلم قسم التسميع والتحميد بين الامام والمقتدى وفى الجمع بينهما من الجانبين ابطال القسمة وهذا لا يجوز ولان التسميع دعاء إلى التحميد وحق من دعى إلى شئ الإجابة إلى ما دعى إليه لا إعادة قول الداعي وإن كان منفردا فإنه يأتي بالتسميع في ظاهر الرواية وكذا يأتي بالتحميد عندهم وعن أبي حنيفة روايتان روى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة انه يأتي بالتسميع دون التحميد واليه ذهب الشيخ الإمام أبو القاسم الصفار والشيخ أبو بكر الأعمش وروى الحسن عن أبي حنيفة انه يجمع بينهما وذكر في بعض النوادر عنه انه يأتي بالتحميد لا غير وفى الجامع الصغير ما يدل عليه فان أبا يوسف قال سألت أبا حنيفة رحمه الله تعالى عن الرجل يرفع رأسه من
(٢٠٩)