السفينة فقالا إن كانت جارية يصلى قاعدا وإن كانت راسية يصلى قائما من غير فصل بين ما إذا قدر على القيام أولا ولان سير السفينة سبب لدوران الرأس غالبا والسبب يقوم مقام المسبب إذا كان في الوقوف على المسبب حرج أو كان المسبب بحال يكون عدمه مع وجود السبب في غاية الندرة فالحقوا النادر بالعدم ولهذا أقام أبو حنيفة المباشرة الفاحشة مقام خروج المذي لما ان عدم الخروج عند ذلك نادر ولا عبرة بالنادر وههنا عدم دوران الرأس في غاية الندرة فسقط اعتباره وصار كالراكب على الدابة وهي تسير أنه يسقط القيام لتعذر القيام عليها غالبا كذا هذا والحديث محمول على الندب دون الوجوب فان صلوا في السفينة بجماعة جازت صلاتهم ولو اقتدى به رجل في سفينة أخرى فإن كانت السفينتان مقرونتين جاز لأنهما بالاقتران صارتا كشئ واحد ولو كانا في سفينة واحدة جاز كذا هذا وإن كانتا منفصلتين لم يجز لان تخلل ما بينهما بمنزلة النهر وذلك يمنع صحة الاقتداء وإن كان الامام في سفينة والمقتدون على الحد والسفينة واقفة فإن كان بينه وبينهم طريق أو مقدار نهر عظيم لم يصح اقتداؤهم به لان الطريق ومثل هذا النهر يمنعان صحة الاقتداء لما بينا في موضعه ومن وقف على سطح السفينة يقتدى بالامام في السفينة صح اقتداؤه الا أن يكون امام الامام لان السفينة كالبيت واقتداء الواقف على السطح بمن هو في البيت صحيح إذا لم يكن امام الامام ولا يخفى عليه حاله كذا ههنا (ومنها) القراءة عند عامة العلماء لوجود حد الركن وعلامته وهما ما بينا وقال الله تعالى فاقرؤا وما تيسر من القرآن والمراد منه في حال الصلاة والكلام في القراءة في الأصل يقع في ثلاث مواضع أخدها في بيان فرضية أصل القراءة والثاني في بيان محل القراءة المفروضة والثالث في بيان قدر القراءة (أما) الأول فالقراءة فرض في الصلاة عند عامة العلماء وعند أبي بكر الأصم وسفيان بن عيينة ليست بفرض بناء على أن الصلاة عندهما اسم للأفعال لا للأذكار حتى قالا يصح الشروع في الصلاة من غير تكبير وجه قولهما أن قوله تعالى أقيموا للصلاة مجمل بينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ثم قال صلوا كما رأيتموني أصلى والمرئي هو الافعال دون الأقوال فكانت الصلاة اسما للأفعال ولهذا تسقط الصلاة عن العاجز عن الافعال وإن كان قادرا على الأذكار ولو كان على القلب لا يسقط وهو الأخرس (ولنا) قوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القرآن ومطلق الامر للوجوب وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة الا بقراءة وأما قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلى فالرؤية أضيفت إلى ذاته لا إلى الصلاة فلا يقتضى كون الصلاة مرئية وفى كون الاعراض مرئية اختلاف بين أهل الكلام مع اتفاقهم على أنها جائزة الرؤية والمذهب عند أهل الحق أن كل موجود جائز الرؤية يعرف ذلك في مسائل الكلام على أنا نجمع بين الدلائل فنثبت فرضية الأقوال بما ذكرنا وفرضية الافعال بهذا الحديث وسقوط الصلاة عن العاجز عن الافعال لكون الافعال أكثر من الأقوال فمن عجز عنها فقد عجز عن الأكثر وللأكثر حكم الكل وكذا القراءة فرض في الصلوات كلها عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال لا قراءة في الظهر والعصر لظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النهار عجماء أي ليس فيها قراءة إذا لا عجم اسم لمن لا ينطق (ولنا) ما تلونا من الكتاب وروينا من السنة وفى الباب نص خاص وهو ما روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأبى قتادة الأنصاريين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفى الاخر بين بفاتحة الكتاب لا غير وما روى عن ابن عباس رضي الله عنه فقد صح رجوعه عنه فإنه روى أن رجلا سأله وقال أقر أخلف امامي فقال اما في صلاة الظهر والعصر فنعم وأما الحديث فقد قال الحسن البصري معناه لا تسمع فيها قراءة ونحن نقول به وهذا إذا كان اماما أو منفردا فاما المقتدى فلا قراءة عليه عندنا وعند الشافعي يقرأ بفاتحة الكتاب في كل صلاة يخافت فيها بالقراءة قولا واحدا وله في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة قولان (واحتج) بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا صلاة الا بقراءة ولا شك أن لكل واحد صلاة على حدة ولان القراءة ركن في الصلاة فلا تسقط بالاقتداء كسائر الأركان
(١١٠)