والتحقت بالنقوش والدليل عليه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه ترس فيه تمثال طير فأصبحوا وقد محى وجهه وروى أن جبريل عليه السلام استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذن له فقال كيف أدخل وفى البيت قرام فيه تماثيل خيول ورجال فاما ان تقطع رؤسها أو تتخذ وسائد فتطوطأ وان لم تكن مقطوعة الرؤس فتكره الصلاة فيه سواء كانت في جهة القبلة أو في السقف أو عن يمين القبلة أو عن يسارها فأشد ذلك كراهة أن تكون في جهة القبلة لأنه تشبه بعبدة الأوثان ولو كانت في مؤخر القبلة أو تحت القدم لا يكره لعدم التشبه في الصلاة بعبدة الأوثان وكذا يكره الدخول إلى بيت فيه صور على سقفه أو حيطانه أو على الستور والأزر والوسائد العظام لان جبريل عليه السلام قال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب أو صورة ولا خير في بيت لا تدخله الملائكة وكذا نفس التعليق لتلك الستور والأزر على الجدار ووضع الوسائد العظام عليه مكروه لما في هذا الصنيع من التشبه بعباد الصور لما فيه من تعظيمها وروى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وأنا مستترة بستر فيه تماثيل فتغير لون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفت الكراهة في وجهه فأخذه منى وهتكه بيده فجعلناه نمرقة أو نمرقتين وإن كانت الصور على البسط والوسائد الصغار وهي تداس بالأرجل لا تكره لما فيه من اهانتها والدليل عليها حديث جبريل صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنه ا ولو صلى على هذا البساط فإن كانت الصورة في موضع سجوده يكره لما فيه من التشبه بعبادة الصور والأصنام وكذا إذا كانت امامه في موضع لان معنى التعظيم يحصل بتقريب الوجه من الصورة فأما إذا كانت في موضع قدميه فلا بأس به لما فيه من الإهانة دون التعظيم هذا إذا كان الصورة كبيرة فاما إذا كانت صغيرة لا تبدو للناظر من بعيد فلا بأس به لان من يعبد الصنم لا يعبد الصغير منها جدا وقد روى أنه كان على خاتم أبى موسى ذبابتان وروى أنه لما وجد خاتم دانيال على عهد عمر رضي الله عنه كان على فصه أسد ان بينهما رجل يلحسانه ويحتمل أن يكون ذلك في ابتداء حاله أو لان التمثال في شريعة من قبلنا كان حلالا قال الله تعالى في قصة سليمان يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ثم ما ذكرنا من الكراهة في صورة الحيوان فأما صورة ما لا حياة كالشجر ونحو ذلك فلا يوجب الكراهة لان عبدة الصورة لا يعبدون تمثال ما ليس بذى روح فلا يحصل التشبه بهم وكذا النهى إنما جاء عن تصوير ذي الروح لما روى عن علي رضي الله عنه أنه قال من صور تمثال ذي الروح كلف يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح وليس بنافخ فاما لا نهى عن تصوير مالا روح له لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه انه نهى مصورا عن التصوير فقال كيف أصنع وهو كسبى فقال إن لم يكن بد فعليك بتمثال الأشجار ويكره أن تكون قبلة المسجد إلى حمام أو قبر أو مخرج لان جهة القبلة يجب تعظيمها والمساجد كذلك قال الله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال ومعنى التعظيم لا يحصل إذا كانت قبلة المسجد إلى هذه المواضع لأنها لا تحلو عن الأقذار وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال هذا في مساجد الجماعات فاما مسجد الرجل في بيته فلا بأس بأن يكون قبلته إلى هذه المواضع لأنه ليس له حرمة المساجد حتى يجوز بيعه وكذا للناس فيه بلوى بخلاف مسجد الجماعة ولو صلى في مثل هذا المسجد جازت صلاته عند عامة العلماء وعلى قول بشر بن غياث المريسي لا تجوز وعلى هذا المصلى في أرض مغصوبة أو صلى وعليه ثوب مغصوب لا تجوز عنده وجه قوله إن العبادة لا تتأدى بما هو منهى عنه (ولنا) ان النهى ليس لمعنى في الصلاة فلا يمنع جواز الصلاة وهذا إذا لم يكن بين المسجد وبين هذه المواضع حائل من بيت أو جدار أو نحوه ذلك فإن كان بينهما حائل لا يكره لان معنى التعظيم حاصل فالتحن زعنه غير ممكن (ومنها) ستر العورة لقوله تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد قيل في التأويل الزينة ما يوارى العورة والمسجد الصلاة فقد أمر بمواراة العورة في الصلاة وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة للحائض الا بخمار كنى بالحائض عن البالغة لان الحيض دليل البلوغ فذكر الحيض وأراد به البلوغ لملازمة بينهما وعليه اجماع الأمة ولان ستر العورة حال القيام بين يدي الله تعالى من باب التعظيم وانه فرض عقلا وشرعا
(١١٦)