وذلك الجمع بسبب السفر على المذهب الصحيح. وقيل: بسبب النسك. فإن قلنا بالأول، ففي جمع المكي القولان، لان سفره قصير، ولا يجمع العرفي بعرفة، ولا المزدلفي بمزدلفة، لأنه وطنه. وهل يجمع كل واحد منهما بالبقعة الأخرى، فيه القولان كالمكي. وإن قلنا بالثاني، جاز الجمع لجميعهم. ومن الأصحاب (1) يقول: في جمع المكي قولان. الجديد: منعه. والقديم: جوازه. وعلى القديم في العرفي والمزدلفي، وجهان. والمذهب: منع جميعهم على الاطلاق. وحكم الجمع في البقعتين، حكمه في سائر الاسفار. ويتخير في التقديم والتأخير، والاختيار: التقديم بعرفة، والتأخير بمزدلفة.
فرع: إذا جمع المسافر في وقت الأولى، اشترط ثلاثة أمور.
أحدها: الترتيب، فيبدأ بالأولى. فلو بدأ بالثانية، لم يصح. وتجب إعادتها بعد الأولى. ولو بدأ بالأولى، ثم صلى الثانية، فبان فساد الأولى، فالثانية فاسدة أيضا.
الأمر الثاني: نية الجمع. والمذهب: أنها تشترط. ويكفي حصولها عند الاحرام بالأولى، أو في أثنائها، أو مع التحلل منها، ولا يكفي بعد التحلل. ولنا قول شاذ (2): أنها تشترط عند الاحرام بالأولى، ووجه: أنها تجوز في أثنائها. ولا تجوز مع التحلل، ووجه: أنها تجوز بعد (3) التحلل قبل الاحرام بالثانية. وهو قول خرجه المزني للشافعي. ووجه آخر لأصحابنا، وهو مذهب المزني: أن نية الجمع لا تشترط أصلا.
قلت: قال الدارمي: لو نوى الجمع، ثم نوى تركه في أثناء الأولى، ثم نوى الجمع ثانيا، ففيه القولان. والله أعلم.
الأمر الثالث: الموالاة. والصحيح المشهور: اشتراطها (4). وقال