أحدهما: يبطل الجمع، كما يمتنع القصر بالإقامة في أثنائها. فعلى هذا، هل تكون الثانية نفلا، أم تبطل؟ فيه الخلاف كنظائره. وأصحهما: لا يبطل الجمع صيانة لها عن البطلان بعد الانعقاد، بخلاف القصر، فإن وجوب الاتمام، لا يبطل فرضية ما مضى من صلاته. أما إذا صار مقيما بعد الفراغ من الثانية، فإن قلنا:
الإقامة في أثنائها لا تؤثر، فهنا أولى، وإلا فوجهان. الأصح: لا يبطل الجمع، كما لو قصر ثم أقام. ثم قال صاحب (التهذيب) وآخرون: الخلاف فيما إذا أقام بعد فراغه من الصلاتين، إما في وقت الأولى، وإما في وقت الثانية قبل مضي إمكان فعلها. فإن كان بعد إمكان فعلها، لم تجب إعادتها بلا خلاف. وصرح إمام الحرمين بجريان الخلاف مهما بقي من وقت الثانية شئ. هذا كله إذا جمع تقديما. فلو جمع في وقت الثانية، فصار مقيما بعد فراغه منهما، لم يضر. وإن كان قبل الفراغ، صارت الأولى قضاء.
فصل: يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، بعذر المطر. ولنا قول شاذ ضعيف، حكاه إمام الحرمين: أنه يجوز بين المغرب والعشاء في وقت المغرب دون الظهر والعصر، وهو مذهب مالك (1). وقال المزني: لا يجوز مطلقا، وسواء عندنا قوي المطر وضعيفه إذا بل الثوب، والشفان، مطر وزيادة.
قلت: الشفان - بفتح الشين المعجمة، وتشديد الفاء، وآخره نون (2) - وهو برد ريح فيه ندوة، وكذا قاله أهل اللغة. وهو تصريح بأنه ليس بمطر، فضلا عن كونه مطرا وزيادة، فكأن الرافعي قلد صاحب (التهذيب) في إطلاق هذه العبارة المنكرة. وصوابه أن يقال: الشفان له حكم المطر، لتضمنه القدر المبيح من المطر، وهو ما يبل الثوب، وهو موجود في الشفان. والله أعلم.
والثلج، والبرد، إن كانا يذوبان، فكالمطر، وإلا، فلا. وفي وجه شاذ: لا يرخصان بحال. ثم هذه الرخصة لمن يصلي جماعة في مسجد يأتيه من بعد، ويتأذى بالمطر في إتيانه. فأما من يصلي في بيته منفردا، أو في جماعة، أو مشى