إلى المسجد في كن، أو كان المسجد في باب داره، أو صلى النساء في بيوتهن جماعة، أو حضر جميع الرجال في المسجد، وصلوا أفرادا، فلا يجوز الجمع على الأصح. وقيل: على الأظهر. ثم إن أراد الجمع في وقت الأولى، فشروطه كما تقدمت في جمع السفر. وإن أراد تأخير الأولى إلى الثانية، كالسفر، لم يجز على الأظهر الجديد، ويجوز على القديم. فإذا جوزناه، قال العراقيون: يصلي الأولى مع الثانية، سواء اتصل المطر، أو انقطع. وقال في (التهذيب): إذا انقطع قبل دخول وقت الثانية، لم يجز الجمع، ويصلي الأولى في آخر وقتها، كالمسافر إذا أخر بنية الجمع، ثم أقام قبل دخول وقت الثانية، ومقتضى هذا أن يقال: لو انقطع في وقت الثانية قبل فعلها، امتنع الجمع، وصارت الأولى قضاء، كما لو صار مقيما. وعكس صاحب (الإبانة) ما قاله الأصحاب، واتفقوا عليه، فقال: يجوز الجمع في وقت الثانية. وفي جوازه في وقت الأولى، وجهان. وهذا نقل منكر.
وأما إذا جمع في وقت الأولى، فلا بد من وجود المطر في أول الصلاتين، ويشترط وجوده أيضا عند التحلل من الأولى على الأصح الذي قاله أبو زيد، وقطع به العراقيون، وصاحب (التهذيب) وغيرهم. والثاني: لا يشترط. ونقله في (النهاية) عن معظم الأصحاب. ولا يضر انقطاعه فيما سوى هذه الأحوال الثلاث.
هذا هو الصواب الذي نص عليه الشافعي، وقطع به الأصحاب في طرقهم. ونقل في (النهاية) عن بعض المصنفين أنه قال: في انقطاعه في أثناء الثانية، أو بعدها مع بقاء الوقت، الخلاف المتقدم في طريان الإقامة في جمع السفر. وضعفه، وأنكره، وقال: إذا لم يشترط دوام المطر في الأولى، فأولى أن لا يشترط في الثانية وما بعدها. وذكر القاضي ابن كج عن بعض الأصحاب: أنه لو افتتح الصلاة الأولى ولا مطر، ثم مطرت في أثنائها، ففي جواز الجمع، القولان في نية الجمع في أثناء الأولى. واختار ابن الصباغ هذه الطريقة، والصحيح المشهور ما قدمناه.
فرع: يجوز الجمع بين صلاة الجمعة والعصر للمطر، فإذا قدم العصر، فلا بد من وجود المطر في الأحوال الثلاثة كما تقدم. قال صاحب (البيان): ولا يشترط وجوده في الخطبتين، وقد ينازع فيه ذهابا إلى جعلهما بدل الركعتين. قال:
وإن أراد تأخير الجمعة إلى وقت العصر، جاز إذا جوزنا تأخير الظهر، فيخطب في وقت العصر ويصلي.