لا تضر وإن كثرت متوالية. والثاني: تبطل كغيرها. ونص الشافعي رحمه الله: أنه لو كان يعد الآيات في صلاته عقدا باليد، لم تبطل، ولكن الأولى تركه. وجميع ما ذكرنا إذا تعمد الفعل الكثير، فأما إذا فعله ناسيا، فالمذهب، والذي قطع به الجمهور: أن الناسي كالعامد. وقيل: فيه الوجهان في كلام الناسي.
وقيل: أول حد الكثرة، لا يؤثر. وما زاد، وانتهى إلى السرف، فعلى الوجهين. هذا كله حكم الفعل في غير شدة الخوف. أما فيها، فيحتمل الركض والعدو، للحاجة. وفي غير الحاجة كلام يأتي في بابها إن شاء الله تعالى (1). وإن قرأ القرآن من المصحف في الصلاة، لم يضر، بل يجب ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق. ولو قلب الأوراق أحيانا، لم يضر. ولو نظر في مكتوب غير القرآن، وردد ما فيه في نفسه، لم تبطل صلاته. ولنا وجه: أن حديث النفس إذا كثر، أبطل الصلاة، وهو شاذ.
فرع: يستحب للمصلي أن يكون بين يديه سترة، من جدار، أو سارية، أو غيرهما. ويدنو منها بحيث لا يزيد بينهما على ثلاثة أذرع وإن كان في صحراء، غرز عصا ونحوها، أو جمع شيئا من رحله، أو متاعه. وليكن قدر مؤخرة الرحل، فإن لم يجد شيئا شاخصا، خط بين يديه خطا، أو بسط مصلى. وقال إمام الحرمين، والغزالي: لا عبرة بالخط. والصواب، ما أطبق عليه الجمهور، وهو الاكتفاء بالخط كما إذا استقبل شيئا شاخصا.
قلت: وقال جماعة: في الاكتفاء بالخط، قولان للشافعي. قال في (القديم) و (سنن) حرملة (2): يستحب. ونفاه في (البويطي) لاضطراب الحديث (3) الوارد فيه وضعفه (4).