تذكر فائتة وهناك جماعة يصلون في الحاضرة، والوقت متسع، فالأولى أن يصلي الفائتة أولا منفردا، لان الترتيب مختلف في وجوبه، والقضاء خلف الأداء مختلف في جوازه، فاستحب الخروج من الخلاف. ولو فاته صلوات لا يعرف قدرها، ويعلم أنها لا تنقص عن عشر صلوات، ولا تزيد على عشرين، فوجهان.
أحدهما: يلزمه العشر. وأصحهما: العشرون.
واعلم أن الصلاة تشتمل على فرائض، وسنن، كما سبق. ولها شروط سيأتي بيانها في بابها، إن شاء الله تعالى. قال صاحب (التهذيب): شروط الصلاة قبل الشروع فيها، خمسة: الطهارة عن الحدث والنجس، وستر العورة، واستقبال القبلة، والعلم بدخول الوقت يقينا أو ظنا، بالاجتهاد ونحوه. والخامس: العلم بفرضية الصلاة ومعرفة أعمالها. قال: فإن جهل فرضية أصل الصلاة، أو علم أن بعض الصلوات فريضة، لكن لم يعلم فرضية الصلاة التي شرع فيها، لم تصح صلاته. وكذا إذا لم يعرف فرضية الوضوء. أما إذا علم فرضية الصلاة، ولم يعلم أركانها، فله ثلاثة أحوال. أحدها: أن يعتقد جميع أفعالها سنة. والثاني: أن يعتقد بعضها فرضا، وبعضها سنة، ولا يعرف تمييزها، فلا تصح صلاته قطعا.
صرح به القاضي حسين، وصاحب (التتمة) و (التهذيب). الثالث: أن يعتقد جميع أفعالها فرضا، فوجهان حكاهما القاضي حسين، وصاحب (التهذيب) أحدهما: لا تصح صلاته، لأنه ترك معرفة ذلك، وهي واجبة وأصحهما: تصح.
وبه قطع صاحب (التتمة) لأنه ليس فيه أكثر من أنه أدى سنة باعتقاد الفرض، وذلك لا يؤثر. قال في (التهذيب): فإن لم نصحح صلاته، ففي صحة وضوئه في هذه الصورة، وجهان. هكذا ذكروا هذه المسائل، ولم يفرقوا بين العامي وغيره. وقال الغزالي في (الفتاوى): العامي الذي لا يميز فرائض صلاته من سننها، تصح صلاته بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض. فإن نوى التنفل به، لم يعتد به، فإذا غفل عن التفصيل، فنية الجملة في الابتداء كافية. هذا كلام الغزالي، وهو الظاهر الذي يقتضيه ظواهر أحوال الصحابة رضي الله عنهم، فمن بعدهم. ولم ينقل عن النبي (ص) أنه ألزم الاعراب ذلك، ولا أمر بإعادة صلاة من لا يعلم هذا. والله أعلم.