ويرفع الساجد ذراعيه عن الأرض، ولا يفترشهما، وينصب القدمين، ويوجه أصابعهما إلى القبلة، وإنما يحصل توجيهها، بالتحامل عليها، والاعتماد على بطونها. وقال في (النهاية) الذي صححه الأئمة: أن يضع أطراف الأصابع على الأرض من غير تحامل. والأول: أصح.
قلت: قال أصحابنا: ويستحب أن يفرق بين القدمين. قال القاضي أبو الطيب: قال أصحابنا: يكون بينهما شبر. ويستحب أن يقول في سجوده:
(سبوح، قدوس رب الملائكة والروح) (1) وأن يبرز قدميه من ذيله في السجود، ويكشفهما إذا لم يكن عليهما خف. ويكره أن يجمع في سجود، أو غيره من أحوال الصلاة، شعره، أو ثيابه، لغير حاجة. والله أعلم.
فصل: فإذا فرغ من السجود، رفع فاعتدل جالسا بين السجدتين. وهذا الاعتدال، واجب. ويجب الطمأنينة فيه، ويجب أن لا يقصد بالرفع شيئا آخر.
وينبغي أن لا يطول الجلوس، ويستحب أن يرفع رأسه مكبرا. والسنة: أن يجلس مفترشا، على المشهور. وفي قول شاذ ضعيف: يضجع قدميه، ويجلس على صدورهما. ويستحب أن يضع يديه على فخذيه، قريبا من ركبتيه، منشورتي الأصابع. ولو انعطفت أطرافها على الركبة، فلا بأس. ولو تركهما على الأرض من جانبي فخذيه، كان كإرسالهما في القيام.
ويستحب أن يقول في جلوسه: (اللهم اغفر لي، وارحمني واجبرني، وعافني، وارزقني، واهدني) (2).
فصل: ثم يسجد السجدة الثانية، مثل الأولى، في واجباتها (3)، ومندوباتها. وإذا رفع من السجدة الثانية، كبر. فإن كانت سجدة لا يعقبها تشهد، فالمذهب: أنه يسن أن يجلس عقبها جلسة لطيفة، تسمى: جلسة الاستراحة.
وفي قول: لا تسن هذه الجلسة، بل يقوم من السجود. وقيل: إن كان بالمصلي