قلت: إذا قصد الاستقامة، له حالان. أحدهما: أن يقصدها، قاصدا صرف ذلك عن السجود، فلا يجزئه قطعا، وتبطل صلاته، لأنه زاد فعلا لا يزاد مثله في الصلاة عامدا. قاله إمام الحرمين، وغيره. والثاني: أن يقصد الاستقامة، ولا يقصد صرفه عن السجود، بل يغفل عنه، فلا يجزئه أيضا على الصحيح المنصوص، ولكن لا تبطل صلاته، بل يكفيه أن يعتدل جالسا، ثم يسجد. ولا يلزمه أن يقوم ليسجد من قيام على الظاهر، فلو قام، كان زائدا قياما متعمدا، فتبطل صلاته. هذا بيان الحالتين. ولو لم يقصد السجود، ولا الاستقامة، أجزأه ذلك عن السجود قطعا. والعجب من الامام الرافعي، في كونه ترك استيفاء هذه الزيادة التي ألحقتها. والله أعلم.
فرع: وأما أكمل السجود، فالسنة أن يكون أول ما يقع على الأرض من الساجد ركبتيه، ثم يديه، ثم أنفه، وجبهته، ويبتدئ التكبير، مع ابتداء الهوي، وهل يمده، أو يحذفه؟ فيه القولان المتقدمان. ولا يرفع اليد مع التكبير هنا.
ويستحب أن يقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى) ثلاثا وهذا أدنى الكمال.
والأفضل أن يقول بعده: (اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين) (1) والامام يقتصر على التسبيح، إلا أن يرضوا.
ويستحب للمفرد، أن يجتهد في الدعاء في سجوده، وأن يضع كل ساجد، الانف مع الجبهة مكشوفا، وأن يفرق بين ركبتيه. ويرفع الرجل مرفقيه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، والمرأة تضم بعها إلى بعض. وأن يضع الساجد يديه على الأرض، بإزالة منكبيه، وأصابعه ملتصق بعضها إلى بعض، مستطيلة إلى جهة القبلة، وسنة أصابع اليدين، إذا كانت منشورة في جميع الصلاة، التفريج المقتصد، إلا في حالة السجود، فإنه يلصقها.
قلت: وإلا في التشهد، فإن الصحيح: أن أصابع اليسرى، تكون كهيئاتها في السجود. وكذا أصابعهما في الجلوس بين السجدتين. والله أعلم.