وصحح أصحابنا وقف المشاع وان جهل قدر حصته أو صفتها، لان وقف عمر كان مشاعا، ولأنه عقد يجوز على بعض الجملة مفرزا فجاز عليه مشاعا كالبيع، أو عرصة يجوز بيعها فجاز وقفها كالمفرزة، ولان الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وهذا يحصل في المشاع كحصوله في المفرز، ولا نسلم اعتبار القبض.
إذا ثبت هذا فإنه يجوز ان يوقف جزءا من داره أو علويها أو سفليها.
وكذلك إذا وقف داره على جهتين مختلفتين، مثل أن يقفها على أولاده وعلى المساكين أو على جهة أخرى سواهم، لأنه إذا جاز وقف الجزء مفردا جاز وقف الجزين.
(فرع) إذا لم يكن الوقف على بر أو معروف فهو باطل، وبيان ذلك أنه لا يصح الا على ولده وأقاربه ورجل معين، أو بناء المساجد والجسور والقناطر وكتب الفقه والعم والقرآن والمقابر والسقايات ولا يصلح على غير معين كرجل وامرأة، لان الوقف تمليك للعين أو للمنفعة فلا يصح على غير معين كالبيع والإجارة، ولا على معصية كبيت النار لعبدتها والبيع والكنائس وكتب التوراة والإنجيل لان ذلك معصية، فان هذه المواضع بنيت للكفر، وهذه الكتب مبدلة منسوخة. ولذلك غضب النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شئ من التوراة وقال (أفي شك أنت يا بن الخطاب؟) وفى رواية (أمتهوكون أنتم؟ لو كان موسى أخي حيا ما وسعه الا اتباعي) وفى رواية (ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان موسى أخي حيا ما وسعه الا اتباعي) فلولا ان ذلك معصية ما غضب صلى الله عليه وسلم منه.
والوقف على قناديل البيعة أو معابد البوذيين أو دور الهندوك أو محافل البهائيين أو القاديانيين أو أي معبد يقوم على غير أصل الاسلام وخلوص الوحدانية من شوائب الزيغ باطل.
وقال أحمد بن حنبل في نصارى وقفوا على البيعة ضياعا كثيرة وماتوا ولهم أبناء نصارى فاسلموا والضياع بيد النصارى، فلهم اخذها وللمسلمين عونهم حتى يستخرجوها من أيديهم.