استيفاء الزرع بعد مدة الإجارة ينافي موجبها فبطلت، ثم للزارع استيفاء زرعه وقت حصاده، وإن بطلت الإجارة، ولا يؤخذ بقلع زرعه لأنه زرع عن إذن اشترط فيه الترك وعليه أجرة المثل، والفرق بين هذه المسألة في استيفاء الزرع مع فساد الإجارة وبين أن يؤخذ بقلعه فيما تقدم من الأحوال والأقسام مع صحة الإجارة أن الإجارة إذا بطلت روعي الاذن دون المدة، وإذا صحت روعيت المدة (ج) أن يطلق العقد فلا يشترط فيه قلعا ولا تركا فقد اختلف أصحابنا هل إطلاقه يقتضى القلع أو الترك؟ على وجهين.
(أحدهما) وهو قول أبي إسحاق المروزي: أنه يقتضى القلع اعتبارا بموجب العقد، فعلى هذا الإجارة صحيحة، ويؤخذ المستأجر بقلع زرعه عند تقضى المدة (والثاني) وهو ظاهر كلام الشافعي أن الاطلاق يقتضى الترك إلى أوان الحصاد اعتبارا بالعرف فيه، كما أن ما لم يبد صلاحه من الثمار يقتضى إطلاق بيعه للترك إلى وقت الجداد اعتبارا بالعرف فيه، فعلى هذا تكون الإجارة فاسدة، ويكون للمستأجر ترك زرعه إلى وقت حصاده، وعليه أجرة المثل كما لو شرط الترك.
الحال الثالثة: وهو أن يقع الشك في المدة هل يستحصد الزرع فيها؟ كأن استأجرها خمسة أشهر لزرع البر والشعير، فقد يجوز أن يستحصد الزرع في هذه المدة في بعض البلاد وبعض السنين، ويجوز أن لا يستحصد فيكون حكم هذه الحال حكم ما علم أنه يستحصد فيه، على ما مضى إسقاطا للشك واعتبارا باليقين هكذا أفاده الماوردي، والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن اكترى أرضا للغراس مدة لم يجز أن يغرس بعد انقضائها، لأن العقد يقتضى الغرس في المدة فلم يملك بعدها، فإن غرس في المدة وانقضت المدة نظرت، فإن شرط عليه القلع بعد المدة أخذ بقلعه لما تقدم من شرطه ولا يبطل العقد بهذا الشرط، لان الذي يقتضيه العقد هو الغراس في المدة، وشرط القلع بعد المدة لا يمنع ذلك، وإنما يمنع من التبقية بعد المدة، والتبقية بعد