الحنطة لأنه قد استوفى ما استحقه وزاد، فصار كمن استأجر بعيرا من مكة إلى المدينة فتجاوز به إلى البصرة فعليه المسمى وأجرة المثل في الزيارة. وقال الربيع وأبو العباس ابن سريج وأبو حامد المروروذي: إن المسألة على قول واحد، وليس التخيير فيه اختلافا للقول فيها، فيكون رب الأرض بالخيار بين أن يرجع بالمسمى وما نقصت الأرض بالزيادة كالمجاوز بركوب الدابة وبين أن يفسخ الإجارة ويرجع بأجرة المثل لأنه عيب قد دخل عليه فجاز أن يكون مخيرا به بين المقام أو الفسخ فأما المزني فإنه اختار أن يرجع بالمسمى وما نقصت الأرض. وتابعه أبو إسحاق المروزي واستدلا بمسألتين:
(إحداهما) أن يستأجر بيتا لحمولة مسماة فيعدل إلى غيرها فهذا أمر ينظر، فان استأجر أسفل البيت ليحرز، فيه مائة رطل حديد فأحرز فيه مائة وخمسين رطلا، أو عدل عن الحديد إلى القطن فلا ضمان عليه، لان سفل البيت لا تؤثر فيه هذه الزيادة ولا العدول عن الجنس، وإن كان علو البيت تكون فيه الحمولة على سقفه، فإن كانت الإجارة لمائة رطل من حديد فوضع عليه مائة وخمسين رطلا فهذه زيادة متميزة فيلزمه المسمى من الأجرة وأجرة مثل الزيادة.
وإن كان قد استأجر لمائة رطل قطنا فوضع فيه مائة رطل من حديد فهذا ضرر لا يتميز، لان القطن يتفرق على السقف والحديد مجتمع في موضع منه، فكان أضر فيكون رجوع المؤجر على ما ذكرنا من اختلاف أصحابنا في القولين.
والمسألة الثانية من دليل المزني على اختيار أن يستأجر دارا للسكنى فيسكن فيها حدادين أو قصارين أو ينصب رحى، فهذه زيادة ضرر لا تتميز، فيكون رجوع المؤجر على ما وصفنا من اختلاف أصحابنا في القولين. قال الماوردي:
ليس للمزني من دليل فيما استشهد به من مذهب ولا حجاج.
(فرع) قوله: وان أجره عينا ثم أراد أن يبدلها الخ. قال الشافعي في الام:
وإذا تكارى إبلا بأعيانها ركبها، قال وان تكارى حمولة ولم يذكر بأعيانها وركب ما يحمله، فان حمله على بعير غليظ فإن كان ذلك ضررا متفاحشا أمر أن يبدله، وإن كان شبيها بما يركب الناس لم يجبر على ابداله. والله أعلم بالصواب