3 - أن يستأجرها لزرع الحنطة على أن لا يزرع سواها ففيه ثلاثة أوجه حكاها ابن أبي هريرة (أحدها) أن الإجارة باطلة (والثاني) أن الإجارة جائزة والشرط باطل، وله أن يزرعها الحنطة وغير الحنطة لأنه لا يؤثر في حق المؤجر ما يفي (والثالث) أن الإجارة جائزة والشرط لازم، وليس له أن يزرعها غير الحنطة لان منافع الإجارة إنما تملك بالعقد على ما سمى فيه، ألا تراه لو استأجرها للزرع لم يكن له الغرس فكذلك إذا استأجرها لنوع من الزرع، قال الشافعي: وإن كان يضرها مثل عروق تبقى فليس ذلك له، فان فعل فهو متعد ورب الأرض بالخيار ان شاء أخذ الكراء وما نقص الأرض على ما ينقصها زرع القمح ويأخذ منه كراء مثلها. قال المزني: يشبه أن يكون قوله الأول أولى، لأنه أخذ ما كرى وزاد على الكرى ضررا، كرجل اكترى منزلا يدخل فيه ما يحتمل سقفه فجعل فيه أكثر.
إذا عرف هذا فإنه إذا استأجر أرضا لزرع حنطة لم يكن له ان يزرعها ولا أن يغرسها ما هو أكثر ضررا منها لأنه غير مأذون فيه فصار كالغاصب، وهل يصير بذلك ضامنا لرقبة الأرض حتى يضمن قيمتها ان غصبت أو تلفت بسيل، على وجهين (أحدهما) وهو قول أبي حامد الأسفراييني أنه يضمنها لأنه قد صار بالعدول عما استحقه غاصبا. والغاصب ضامن (والثاني) وهو الأصح، أنه لا يضمن رقبة الأرض لان تعديه في المنفعة لا في الرقبة، فإن تمادى الامر بمستأجرها حتى حصد زرعه ثم طولب بالأجرة فالذي نص عليه الشافعي أن رب الأرض بالخيار بين أن يأخذ المسمى وما نقصت الأرض وبين أن يأخذ أجرة المثل، فاختلف أصحابنا، فكان المزني وأبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة يخرجون تخيير الشافعي على قولين (أحدهما) أن رب الأرض يرجع بأجرة المثل دون المسمى لان تعدى الزارع بعدوله عن الحنطة إلى ما هو أضر منها كتعديه بعدوله عن الأرض إلى غيرها، فلما كان بعدوله عن الأرض إلى غيرها ملتزما لأجرة المثل دون المسمى فكذلك بعدوله إلى غير الحنطة.
والقول الثاني: أنه يرجع بالمسمى من الأجرة، وينقص الضرر الزائد على