لان نصيب الوارث قبل الوصية من أصل المال، فلو أوصى بمثل نصيب ابنه، وله ابن واحد فالوصية بجميع المال، وإن كان له ابنان فالوصية بالنصف، وإن كان وا ثلاثة فالوصية بالثلث.
وقال مالك: إن كانوا يتفاضلون نظر إلى عددهم فأعطى سهما من عددهم لأنه لا يمكن اعتبار أنصبائهم لتفاضلهم فاعتبر عدد رؤوسهم، وقد أوضحنا أن الموصى جعل وارثه أصلا وقاعدة، وهذا يدل على فساد ما خالفه، لان قاعدة الجمهور تقتضي أن لا يزاد أحدهما على صاحبه، ومتى أعطى من أصل المال فما أعطى نصيبه ولا حصلت له التسوية، والعبادة تقتضي التسوية، وإنما جعل مثل أقلهم نصيبا لأنه اليقين، وما زاد فمشكوك فيه فلا يثبت مع الشك.
(فرع) قال الشافعي رضي الله عنه: إذا أوصى بمثل نصب ابنه ولا ابن له غيره فله النصف، فإن لم يجز الابن فله الثلث.
قلت وهذا قول أبي حنيفة وصاحبه: فإن أجازها الابن وإلا ردت على الثلث وقال الك وزفر بن الهذيل وداود بن علي: هي وصية بجميع المال، استدلالا بأن نصيب ابنه إذا لم يكن له غيره الجميع فاقتضى أن تكون الوصية بمثل نصيبه وصية بجميع المال، ولأنه لو كان وصى له بمثل ما كان نصيب ابنه كانت وصية بجميع المال إجماعا وجب إذا وصى له بمثل نصيب ابنه أن تكون وصيته بجميع المال حجاجا، وهذا فاسد من ثلاثة أوجه.
أحدها: ان نصيب الابن أصل والوصية بمثله فرع فلم يجز أن يكون الفرع رافعا لحكم الأصل.
والثاني: أنه لو جعلت الوصية بكل المال لخرج أن يكون للابن نصيب، وإذا لم يكن للابن نصيب بطلت الوصية التي هي مثله.
والثالث: أن الوصية بمثل نصيب ابنه توجب التسوية بين الموصى له وبين ابنه، فإذا وجب ذلك كانا نصفين ن وفى إعطائه الجميع إبطال للتسوية بينهما كما قررنا، وأما قولهم. إن نصيب الابن كل المال، فالجواب: أن له الجميع مع عدم الوصية، فأما مع الوصية فلا يستحق الجميع.