الزبيري وابن حجر العسقلاني في الباري بحديث بئر رومة، وهو عن عثمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولبس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال (من يشترى بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي) رواه النسائي والترمذي وقال: حديث حسن، وفيه جواز انتفاع الواقف بوقفه.
وفى رواية للبغوي في كتاب الصحابة من طريق بشر بن بشير الأسلمي عن أبيه انها كانت لرجل من بنى غفار عين يقال لها رومة. وكان يبيع منها القربة بمد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تبيعنيها بعين في الجنة؟ فقال يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم. ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتجعل لي ما جعلت له؟ قال نعم قال قد جعلتها للمسلمين. وللنسائي من طريق الأحنف عن عثمان قال: إجعلها سقاية للمسلمين واجرها لك، وزاد أيضا في رواية من هذه الطريق ان عثمان قال ذلك وهو محصور وصدقة جماعة منهم علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وفى قوله: فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين، الدليل عل جواز أن يجعل الواقف لنفسه نصيبا في الوقف، قالوا ويؤيده جعل عمر لمن ولى وقفه أن يأكل منه بالمعروف، وظاهره عدم الفرق بين أن يكون هو الناظر أو غيره.
هكذا قالوا. قال ابن حجر في فتح الباري: ويستنبط منه صحة الوقف على النفس وهو قول ابن أبي ليلى وأبى يوسف وأحمد في الأرجح عنه. وقال به ابن شعبان من المالكية، وجمهورهم على المنع الا إذا استثنى لنفسه شيئا يسيرا بحيث لا يتهم انه قصد حرمان ورثته. ومن الشافعية أبو العباس بن سريج وطائفة. وصنف فيه محمد بن عبد الله الأنصاري شيخ البخاري جزءا ضخما، واستدل له بقصة عمر هذه، وبقصة راكب البدنة، وبحديث أنس في أنه صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، ووجه الاستدلال به انه أخرجها عن ملكه بالعتق وردها إليه بالشرط. اه وقد حكى جواز الوقف على النفس ابن شبرمة والزبيري. وعن الشافعي