قال ابن قدامة: لأنه ولى له فلم يعتبر في الانفاق عليه في حقه إذن الحاكم كوصي اليتيم، ولان هذا من الامر بالمعروف فاستوى فيه الامام وغيره كتبديد الخمر. وروى أبو الحارث عن أحمد رضي الله عنه في رجل أودع رجلا مالا وغاب وطالت غيبته وله ولد ولا نفقة له، هل ينفق عليهم؟ فلم يجعل له الانفاق عليهم من غير إذن الحاكم، فقال بعض أصحاب أحمد: هذا مثله. وقال بعضهم وهو الصحيح عندهم: إن هذا مخالف بناء على أن الملتقط له ولاية على اللقيط عندهم فيكون له ولاية أخذه وحفظه.
ولنا أن اللقيط ينبغي أن يتولى الحاكم أمره فقد يعين له من هو أوفر خبرة وأكثر صيانة والحاكم مجتهد له بصره النافذ ورأيه الصائب وهو ولى من لا ولى له فإذا أنفق عليه الملتقط من ماله الذي وجده ضمنه لأنه لا حق له في الانفاق إلا بإذن الحاكم فقد قال الشافعي رضي الله عنه في رواية الربيع بن سليمان في المنبوذ هو حر ولا ولاء له، وإنما يرثه المسلمون بأنهم خولوا كل مال لا مالك له، ألا ترى أنهم يأخذون مال لنصراني ولا وارث له؟ ولو كانوا أعتقوه لم يأخذوا ماله بالولاء، ولكنهم خولوا مالا مالك له من الأموال اه.
وقال في اللقطة ما يفيد عدم جواز الانفاق على الضالة بقصد الرجوع به على ربها الا بإذن الحاكم، ثم يدفع الحاكم إليه ما ينفق عليه، ففي النص الأول جعل للمسلمين جميعا حق الولاية والإرث على اللقيط وماله، وفى النص الثاني جعل ذلك بإذن الحاكم، فمن أصحابنا من نقل جواب كل مسألة إلى الأخرى فجعل في اللقطة قولين وفى اللقيط قولين، فالقول بجواز اللقطة يمنعه في اللقيط، والقول بجوازه في اللقيط يمنعه في اللقطة.
فإذا لم يجد الحاكم فأشهد رجلين أو رجلا وامرأتين أو أربع نسوة ففي ضمانه قولان.
أما إذا لم يكن له مال لم يلزم الملتقط الانفاق عليه في قول عامة أهل العلم قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن نفقة اللقيط غير واجبه على الملتقط كوجوب نفقة الولد، وذلك لان أسباب وجوب النفقة من