فإن قلنا إن الثمن مائة وعشرة فهو بالخيار بين أن يمسك المبيع بالثمن وبين أن يفسخ، لأنه دخل على أن يأخذ المبيع برأس المال. وهذا أكثر من رأس فثبت له الخيار.
وان قلنا إن الثمن تسعة وتسعون فهل يثبت له الخيار؟ اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال فيه قولان (أحدهما) أن له الخيار، لأنه إن كان قد أخطأ في الخبر الأول لم يأمن أن يكون قد أخطأ في الثاني، وأن الثمن غيره، وإن كان قد خان في الأول فلا يأمن أن يكون قد خان في الثاني، فثبت له الخيار (والقول الثاني) وهو الصحيح أنه لا خيار له، لان الخيار إنما يثبت لنقص وضرر، وهذا زيادة ونفع، لأنه دخل على أن الثمن مائه وعشرة وقد رجع إلى تسعة وتسعين، فلا وجه للخيار.
ومنهم من قال: إن ثبتت الخيانة بإقرار البائع لزم المشترى تسعة وتسعون ولا خيار له، وان ثبتت بالبينة فهل له الخيار أم لا؟ فيه قولان، لأنه إذا ثبتت بالاقرار دل على أمانته، فلم يتهم في خيانة أخرى. وإذا ثبتت بالبينة كان متهما في خيانة أخرى فثبت له الخيار.
قال أصحابنا: القولان إذا كانت العين باقية، فأما إذا تلفت العين فإنه يلزم البيع بتسعة وتسعين قولا واحدا، لأنا لو جوزنا له فسخ البيع مع تلف العين رفعنا الضرر عنه وألحقناه بالبائع، والضرر لا يزول بالضرر، ولهذا لو هلك المبيع عنده ثم علم به عيبا لم يملك الفسخ، فإن قلنا لا خيار له، أو قلنا له الخيار فاختار البيع فهل يثبت للبائع الخيار؟ فيه وجهان (أحدهما) يثبت له الخيار، لأنه لم يرض الا الثمن المسمى وهو مائة وعشرة، ولم يسلم ذلك (والثاني) لا خيار له لأنه رضى برأس المال وربحه وقد حصل له ذلك (الشرح) قوله " فالبيع صحيح " هذا قول عند الأصحاب أو وجه، وعند الحنابلة كراهة بعض ما مر جوازه عند الشافعية وأصحاب أبي حنيفة. قال ابن قدامة في المغنى: وان قال بعتك برأس مالي فيه، وهو مائة، وأربح في كل عشرة درهما. أو قال: ده يازده أو ده داوزده فقد كرهه أحمد، وقد رويت كراهته