قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يخبر إلا بالثمن الذي لزم به البيع، فإن اشترى بثمن ثم حط البائع عنه بعضه، أو ألحق به زيادة، نظرت فإن كان بعد لزوم العقد لم يلحق ذلك بالعقد، ولم يحط في بيع المرابحة ما حط عنه، ولا يخبر بالزيادة فيما زاد، لان البيع استقر بالثمن الأول، فالحط والزيادة تبرع لا يقابله عوض فلم يتغير به الثمن، وإن كان ذلك في مدة الخيار لحق بالعقد وجعل الثمن ما تقرر بعد الحط والزيادة. وقال أبو علي الطبري: إن قلنا إن المبيع ينتقل بنفس العقد لم يلحق به لأن المبيع قد ملكه بالثمن الأول فلم يتغير بما بعده، والمذهب الأول لأنه وإن كان قد انتقل المبيع إلا أن البيع لم يستقر، فجاز أن يتغير الثمن بما يلحق به.
وإن اشترى ثوبا بعشرة وقصره بدرهم ورفاه بدرهم وطرزه بدرهم، قال هو على بثلاثة عشر، أو قام على بثلاثة عشرة وما أشبه ذلك، ولا يقول اشتريت بثلاثة عشر، ولا يقول ثمنه ثلاثة عشر، لان ذلك كذب وإن قال رأس مالي ثلاثة عشر ففيه وجهان " أحدهما " لا يجوز أن يقول لان رأس المال هو الثمن، والثمن عشرة " والثاني " يجوز لان رأس المال ما وزن فيه، وقد وزن فيه ثلاثة عشر، وإن عمل فيه ذلك بيده قال: اشتريته بعشرة، وعملت فيه ما يساوى ثلاثة. ولا يقول هو على بثلاثة عشر، لان عمله لنفسه لا أجرة له. ولا يتقوم عليه وإن اشترى عينا بمائة ووجد بها عيبا وحدث عنده عيب آخر فرجع بالأرش وهو عشرة دراهم. قال هي على بتسعين أو تقوم على بتسعين، ولا يجوز أن يقول الثمن مائة، لان الرجوع بالأرش استرجاع جزء من الثمن، فخرج عن أن يكون الثمن مائة، ولا يقول اشتريتها بتسعين، لأنه كذب، وإن كان المبيع عبدا فجنى ففداه بأرش الجناية لم يضف ما فداه به إلى الثمن، لان الفداء جعل لاستبقاء الملك فلم يضف إلى الثمن كعلف البهيمة، وإن جنى عليه فأخذ الأرش ففيه وجهان:
(أحدهما) انه لا يحط من الثمن قدر الأرش، لأنه كما لا يضيف ما فدى به