وقد عنى شيخ الاسلام ابن تيمية في فتاواه الكبرى بهذا النوع من الخديعة فأبطل العقد وحمل على مجيزيه بالرأي والقياس وفى الترغيب في الصدق عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " رواه الدارمي وقال: لا علم لي به أن الحسن سمع من أبي سعيد. وقال أبو حمزة: هذا هو صاحب إبراهيم بن ميمون الأعور. ورواه الحاكم والترمذي وحسنه. وفى هذا الحديث بحث طويل سنعرض له في كنز العمال إن شاء الله تعالى قوله " ولا يضم ما خسر فيه إلى الثمن " كذا هو مقرر في المذهب أنه لا يرابح إلا على الثمن الأخير، وعند أبي حنيفة تمتنع المرابحة إذا شراه ثانية بأقل مما باعه أولا، وعند الصاحبين محمد وأبى يوسف موافقة المصنف من جواز المرابحة على الثمن الأخير.
(فائدة) إذا اشترى مديون مأذون بعشرة وباعه من سيده بخمسة عشر أو بالعكس، فإنه يرابح على عشرة، لأن العقد بينهما وإن كان صحيحا ولكن له شبهة العدم، لان العبد ملكه، وما في يده لا يخلو عن حقه، فصار كأنه اشتراه للمولى بعشرة فيعتبر هذا لا غير. وقولنا " مديون " فمن باب أولى أن يرابحه مع عدم الدين لوجود ملك المولى فيه بالاجماع، والمكاتب كالعبد المأذون له.
أما المضارب بالنصف لو شرى بعشرة وباع من رب المال بخمسة عشر يرابح رب المال اثنى عشر ونصف، ويرابح بلا بيان لو اعورت المبيعة أو وطئت وهي ثيب، أو أصاب الثوب قرض فأرة أو حرق نار، فلا يجب عليه البيان عند أبي حنيفة. أي لا يجب أن يقول إني شريتها سليمة بكذا فأعورت في يدي، أو أصاب الثوب قرض فأرة مثلا، لان جميع ما يقابله الثمن قائم، لان الفائت وصف فلا يقابله شئ من الثمن إذا فات بلا صنع أحد. هذا فيما يتعلق ببيان الثمن قبل العيب. أما العيب نفسه فيجب بيانه بالكتاب والسنة والاجماع لحديث العداء بن خالد الذي رواه الجماعة، كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم