فأشبه نكاح المرأة إذا زوجها الوليان، وجهل السابق منهما اه.
وأما الوجه الثاني على المذهب أو الطريق الأصح عند أحمد فهو أن يفسخه المتعاقدان، لأنه يقع منهما صحيحا كالرد بالعيب، وكل ما كان فيه استدراك للظلامة وهو ظاهر الحديث واذعان له " أو يترادان البيع " وظاهره استقلالهما بذلك، وفى قصة بيع ابن مسعود الأشعث بن قيس رقيقا من رقيق الامارة، فقال عبد الله: بعتك بعشرين ألفا. فقال الأشعث اشتريت منك بعشرة آلاف فقال عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة، والمبيع قائم بعينه، فالقول قول البائع، أو يترادان البيع " قال فإني أرد البيع، رواه سعيد بن منصور عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن عبد الرحمن ابن القاسم عن ابن مسعود، ومن هنا لا يتوقف ذلك على فسخ الحاكم، الا إذا لجأ أحدهما إلى المرافعة لديه.
وحديث عبد الملك بن عبيدة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا اختلف المتبايعان استحلف البائع، ثم كان المشترى بالخيار، ان شاء أخذ وان شاء ترك " وهذا ظاهر عند الحنابلة في أنه يفسخ من غير حاكم، لأنه جعل الخيار إليه، فأشبه من له خيار الشرط أو الرد بالعيب، ولأنه هنا لا يشبه النكاح لان لكل واحد من الزوجين الاستقلال بالطلاق.
ويمكن أن يرد على مفهوم هذين الخبرين على هذا النحو بما يأتي:
أولا: ان متعلق النزاع بين ابن مسعود والأشعث هو رقيق الامارة، والامارة كانت لعبد الله بن مسعود، فكان هو بمثابة القاضي الذي طبق النص، وأوضحه لصاحبه، إذ لم يكن بهما من حاجة إلى حاكم وصاحب الشأن، حاكم ثقة يحمل الدليل اللاحب فلا يفيد الخبر استقلال المتبايعين بالفسخ عند التحالف وليس نصا قاطعا في هذا المفهوم.
ثانيا: خبر عبد الملك بن عبيده لا يفيد ذلك أيضا - أعني ليس دليلا على استقلال المتبايعين بالفسخ دون الرجوع إلى القاضي - فان الخبر ينص بمنطوقه ومفهومه أيضا على عكس ذلك، فقوله (استحلف) دليل على طلب الحلف