قال الشافعي في باب جماع السلف في الوزن:
والميزان مخالف للمكيال في بعض معانيه والميزان أقرب من الإحاطة وأبعد من أن يختلف فيه أهل العلم من المكيال، لان ما يتجافى ولم يتجاف في الميزان سواء: لأنه إنما يصار فيه كله إلى أن يوجد بوزنه، والمتجافي في المكيال يتباين تباينا بينا فليس في شئ مما يوزن اختلاف في الوزن، ثم قال الشافعي: فإن قال قائل: كيف كان يباع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: الله أعلم، أما الذي أدركنا المتبايعين به عليه، فأما ما قل منه فيباع كيلا والجملة الكثيرة تباع وزنا، ودلالة الاخبار على مثل ما أدركنا الناس عليه. قال عمر رضي الله عنه: لا آكل سمنا ما دام يباع بالأواقي، وتشبه الأواقي أن تكون كيلا. اه قال المصنف رحمه الله:
(فصل) إذا باعه سلعة بثمن في الذمة ثم اختلفا فقال البائع: لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشترى. لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال. فيه ثلاثة أقوال.
أحدها يجبر البائع على إحضار المبيع، والمشترى على احضار الثمن، ثم يسلم إلى كل واحد منهما ماله دفعة واحدة، لان التسليم واجب على كل واحد منهما، فإذا امتنعا أجبرا كما لو كان لأحدهما على الآخر دراهم، وللآخر عليه دنانير.
والثاني. لا يجبر واحد منهما، بل يقال من يسلم منكما ما عليه أجبر الآخر على تسليم ما عليه، لان على كل واحد منهما حقا في مقابلة حق له، فإذا تمانعا لم يجبر واحد منهما، كما لو نكل المدعى عليه فردت اليمين على المدعى فنكل.
والثالث. أنه يجبر البائع على تسليم المبيع، ثم يجبر المشترى وهو الصحيح، لان حق المشترى متعلق بعين، وحق البائع في الذمة، فقدم ما تعلق بعين كأرش الجناية مع غيرها من الديون، ولان البائع يتصرف في الثمن في الذمة، فوجب أن يجبر البائع على التسليم ليتصرف المشترى في المبيع، ومن أصحابنا من قال.
المسألة على قول واحد، وهو أنه يجبر البائع على تسليم المبيع كما ذكرناه، وما سواه من الأقوال ذكره الشافعي عن غيره، ولم يختره، فعلى هذا ينظر فيه