واحد منهما ماله دفعة واحدة في لحظة واحدة لتساوي الوجوب في التسليم وعدم اختصاص أحدهما بقدر أكثر من الاذعان من صاحبه، وامتنع أكثر الأصحاب من جعلهما قولا واحدا لما يأتي:
(أولا) لان حق المشترى متعلق بعين وحق البائع في الذمة، فقدم ما تعلق بعين كأرش الجناية مع غيرها من الديون، ولان البائع يتصرف في الثمن في الذمة فوجب أن يجبر البائع على التسليم ليتصف المشترى في المبيع (ثانيا) إن الدفع والتسليم في القول الأول إلى الحاكم وكان بحكمه، وها هنا الحكم منه في ذمة الأمين والامر بالتسليم منه ومن هنا كان قول المصنف: من الأصحاب من قال فيه ثلاثة أقوال يذكرنا بقول الماوردي فيه أربعة أقوال. ذلك القول الرابع هو تعيين الأمين العدل.
وهذا القول وإن كان قولا رابعا عندنا فإنه ظاهر مذهب الحنابلة فيما إذا كان عرضا بعرض أو عينا بعين.
قال ابن قدامة في المغنى:
وإن اختلفا في التسليم، فقال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن. وقال المشترى لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع والثمن في الذمة، أجبر البائع على تسليم المبيع، ثم أجبر المشترى على تسليم الثمن، فإن كان عينا أو عرضا بعرض جعل بينهما عدل، فيقبض منهما ثم يسلم إليهما، وهذا قول الثوري وأحد قولي الشافعي وعن أحمد ما يدل على أن البائع يجبر على تسليم المبيع على الاطلاق، وهو قول ثان للشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك يجبر المشترى على تسليم الثمن لان البائع حبس المبيع على تسليم الثمن، ومن استحق ذلك لم يكن عليه التسليم قبل الاستيفاء كالمرتهن. ثم قال رأيه الذي يدل على موافقته لما ذهبنا إليه من تساوى المبيع، سواء أكان الثمن عينا أم نقدا فقال ولنا أن تسليم المبيع يتعلق به استقرار البيع وتمامه، فكان تقديمه أولى سيما مع تعلق الحكم بعينه، وتعلق حق البائع بالذمة، وتقديم ما تعلق بالعين أولى لتأكده. ولذلك يقدم الدين الذي به الرهن في ثمنه على ما تعلق بالذمة، ويخالف