وإذا اشترى عبدا بجارية وتقابضا ثم تلفت الجارية فوجد بالعبد عيبا فله رده بالعيب واسترجاع قيمة الجارية لفسخ العقد بعد تلفها كما كان له فسخه مع بقائها.
وأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة بحديث ابن مسعود فقد مضى في معارضته الخبر الذي رواه الشافعي.
وأما الجواب عن قياسه على الرد بالعيب فالمعنى فيه أن العيب مما تلف يقدر على استدراك ظلامته بالأوفق فلم يفسخ، وليس كذلك في اختلافهما، لان كل واحد منهما لا يقدر على استدراك ظلامته إلا بالتحالف، فجاز أن يتحالفا مع التلف، ولا وجه لقوله: إن السلعة بعد تلفها لا تقبل الفسخ، كما لا تقبل ابتداء العقد. وإن إقالة العبد الآبق لا تصح ولا تقبل الإقالة، كما لا يقبل ابتداء العقد، لأنه يقول فيمن ابتاع عبدا وقتل في يد البائع إن المشترى بالخيار بين أن يفسخ ويسترجع الثمن، أو يقيم على البيع ويأخذ من القاتل قيمة العبد، فقد جعل العقد بعد التلف قابلا للفسخ كذلك فيما جعلناه أصلا معه من بيع العبد بالجارية إذا تلفت ووجد بالعبد عيبا أن له رده بالعيب واسترجاع قيمة الجارية فجعل العقد بعد التلف قابلا للفسخ كما قبل التلف.
وأما الجواب عن قياسهم على خيار الثلاث فحكم الأصل غير مسلم فلم نسلم.
وأما الجواب عن قولهم إن المقبوض عن البيع الصحيح مضمون بالثمن دون القيمة فهو أن هذا الاستدلال باطل بمبتاع العبد بالجارية إذا تلفت ووجد بالعبد عيبا لان الجارية قد كانت مضمونة بالعبد الذي هو الثمن، ثم صارت بعد الفسخ بالعيب مضمونة بالقيمة دون الثمن.
ومقصد الفصل أن المتبايعين إذا اختلفا في قدر الثمن بعد هلاك المبيع في يد المشترى تحالفا وفسخ البيع ورجع بقيمة المبيع إن كان متقوما، وإن كان مثليا وجب على المشترى مثله. وهذا هو قول الشافعي، ومالك وأحمد في إحدى روايتيهما " ومتى تعتبر قيمته، وهل يقوم من حين قبضه، أم يقوم من حين هلاكه؟ وجهان.