صلى الله عليه وسلم اقتصر على أعلاه ولم يقتصر على أسفله فليس فيه نفى استحباب الاستيعاب وهذا كما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته ولم يلزم منه نفى استحباب استيعاب الرأس وإنما المقصود منه بيان أن الاستيعاب ليس بواجب وهكذا الجواب عن حديث المغيرة:
وأما قياسهم على الساق فجوابه من وجهين أحدهما أنه ليس بمحاذ للفرض فلم يسن مسحه كالذؤابة النازلة عن الرأس بخلاف أسفله فإنه محاذ محل الفرض فهو كشعر الرأس الذي لم ينزل عن محل الفرض: الثاني أن هذا منتفض بمسح العمامة (1) مع الناصية وبمسح الاذن: وأما قولهم قد يكون على أسفله نجاسة فجوابه أنه إذا كانت نجاسة لم يمسح أسفله عندنا كما سبق والله أعلم: وأما الاقتصار على أقل جزء من أعلاه فوافقنا عليه الثوري وأبو ثور وداود: وقال بو حنيفة رضي الله عنه يجب مسح قدر ثلاث أصابع: وقال أحمد رضي الله عنه يجب مسح أكثر ظاهره وعن مالك مسح جميعه الا مواضع الغضون * واحتجوا بما روى عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه خطوطا بالأصابع وعن الحسن البصري قال من السنة أن يمسح على الخفين خطوطا بالأصابع قال أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنهم وأقل الأصابع ثلاث ولأنه مسح في الطهارة لم يكف فيه مطلق الاسم كما لو بل شعرة ووضعها على الخف ولان من مسح بإصبع لا يسمى ماسحا ولان المسح ورد مطلقا فوجب الرجوع إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه مسح في طهارة فلم يكف مطلق الاسم كمسح وجه المتيمم * واحتج أصحابنا بان لامس ورد مطلقا ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقدير واجبه شئ فتين الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم فان قالوا لم ينقل الاقتصار على مطلق الاسم قلنا لا يفتقر ذلك إلى نقل لأنه مستفاد من اطلاق إباحة المسح فإنه يتناول القليل والكثير ولا يعدل عنه الا بدليل فان قالوا لا يسمى ذلك مسحا قلنا هذا خلاف اللغة فلا خلاف في صحة اطلاق الاسم عندهم * وأما الجواب عن دلائلهم فكلها تحكم لا أصل لشئ منها: وأما حديث علي رضي الله عنه فجوابه من أوجه أحسنها أنه ضعيف فلا يحتج به والثاني لو صح حمل على الندب جمعا بين الأدلة: الثالث أنه قال مسح بأصابعه ولا يقولون بظاهره فان تأولوه فليس تأويلهم أولى من تأويلنا وأما قول الحسن فجوابه من وجهين أحدهما أنه ليس بحجة فان قول التابعي من السنة كذا لا يكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل هو موقوف هذا هو الصحيح المشهور *