فان خالف بين الأعضاء فغسل بعضها مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثا جاز لما روى عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين (الشرح) هذا الحكم مجمع عليه وحديث عبد الله بن زيد هذا رواه البخاري ومسلم من طرق هكذا وفيه زيادة حسنة وهي انه مسح رأسه مرة واحدة والزيادة لائقة هنا ليكون الحديث جامعا لطهارة بعض الأعضاء مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثا كما ذكره المصنف وعبد الله بن زيد تقدم بيانه في مسح الرأس والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * فان زاد على الثلاث كره لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم (الشرح) اما حديث عمرو بن شعيب هذا فصحيح رواه أحمد بن حنبل وأبو داود والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحه وليس في روايته أحد من هؤلاء قوله أو نقص الا الرواية أبي داود فإنه ثابت فيها وليس في رواياتهم تصريح بمسح الرأس ثلاثا وقد قدمت في الفصول السابقة في مقدمة الكتاب أن جمهور المحدثين صححوا الاحتجاج برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأن المصنف قطع في كتابه اللمع بأنه لا يحتج به لاحتمال الارسال وبينت سبب الاختلاف فيه هناك واضحا وان الصحيح جواز الاحتجاج به واختلف أصحابنا في معنى أساء وظلم فقيل أساء في النقص وظلم في الزيادة فان الظلم مجاوزة الحد ووضع الشئ في غير موضعه وقيل عكسه لان الظلم يستعمل بمعنى النقص كقوله تعالى (آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا) وقيل أساء وظلم في النقص وأساء وظلم أيضا في الزيادة واختاره الشيخ أبو عمرو بن الصلاح لأنه ظاهر الكلام ويدل عليه رواية الأكثرين فمن زاد فقد أساء وظلم ولم يذكروا النقص * أما حكم المسألة فقال أصحابنا إذا زاد على الثلاث كره كراهة تنزيه ولا يحرم هكذا صرح به الأصحاب قال أمام الحرمين الغسلة الرابعة وإن كانت مكروهة فليست معصية قال ومعنى أساء ترك الأولى وتعدى حد السنة: وظلم أي وضع الشئ في غير موضعه * وقال الشيخ أبو حامد في التعليق قال الشافعي
(٤٣٨)