واما قولهم الباء للالصاق فقال أصحابنا لا نسلم انها هنا للالصاق بل هي للتبعيض ونقلوا ذلك عن بعض أهل العربية وقال جماعة منهم إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض كقوله (وامسحوا برؤوسكم) وإن لم يتعد فللالصاق كقوله تعالى (وليطوفا بالبيت) قال أصحابنا وعلى هذا يحصل الجمع بين الآية والأحاديث فيكون النبي صلى الله عليه وسلم مسح كل الرأس في معظم الأوقات بيانا لفضيلته واقتصر على البعض في وقت بيانا للجواز: وأما قياسهم على التيمم فجوابه من وجهين أحدهما ان السنة بينت ان المطلوب بالمسح في التيمم الاستيعاب وفي الرأس البعض * الثاني فرق الشافعي في مختصر المزني بينهما فقال مسح الرأس أصل فاعتبر فيه حكم لفظه والتيمم بدل عن غسل الوجه فاعتبر فيه حكم مبدله فان قيل هذا الفرق فاسد بالمسح على الخف فالجواب ان هذا التعليل يقتضى استيعاب الخف بالمسح لكن ترك ذلك لوجهين أحدهما الاجماع على أنه لا يجب الثاني انه يفسد الخف مع أنه مبني على التخفيف ولهذا يجوز مع القدرة على غسل الرجل بخلاف التيمم والله أعلم * واما قول ابن القاص ومن وافقه انه يشترط مسح ثلاث شعرات كالحلق في الاحرام فأجاب الأصحاب بأن المطلوب في الحلق الشعر وتقدير الآية محلقين شعر رؤوسكم والشعر إما جمع كما يقوله أهل اللغة وإما اسم جنس كما يقوله أهل النحو
(٤٠٠)