ما قاله الأصحاب وان تيقن طهارة يده فوجهان الصحيح منهما انه بالخيار ان شاء غسل ثم غمس وان شاء غمس ثم غسل لان كراهة الغمس عند الشك إنما كانت للخوف من النجاسة وقد تحققنا عدم النجاسة وبهذا الوجه قطع المصنف والشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والبندنيجي والمحاملي في كتبه الثلاثة وابن الصباغ والمتولي والبغوي والجرجاني وصاحبا العدة والبيان وغيرهم * والثاني استحباب تقديم الغسل لان أسباب النجاسة قد تخفى في حق معظم الناس فيتوهم الطهارة في موضع النجاسة وربما نسي النجاسة فضبط الباب لئلا يتساهل الشاك وهذا الوجه هو المختار عند الماوردي وامام الحرمين وغلطا من قال خلافه (1) والله أعلم * (فرع) أنكر على المصنف في هذا الفصل شيئان أحدهما تخصيص استحباب الغسل قبل الغمس بما إذا قام من نوم والصواب ضبطه بالشك في نجاسة اليد كما أوضحناه: والثاني قوله استحب أن لا يغمس حتى يغسل لا يلزم منه كراهة الغمس أو لا والصواب أنه يكره الغمس قبل الغسل للنهي الصريح في هذا الحديث الصحيح وكذا صرح بالكراهة المصنف في التنبيه وآخرون ونص عليه الشافعي رحمه الله في البويطي فقال فان غمس يده قبل الغسل أو بعد الغسل مرة أو مرتين فقد أساء هذا نصه وهذه أول مسألة في البويطي وفي هذا النص تصريح بالكراهة حتى يغسل ثلاثا وان الغسلتين لا تنفى الكراهة لكن تخففها والحديث دليل لهذا والله أعلم * (فرع) قد ذكرنا كراهة غمس اليد قبل الغسل متى شك في نجاسة اليد سواء قام من نوم الليل أو النهار أو شك في نجاستها بسبب آخر وهي كراهة تنزيه هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء وعن أحمد روايتان إحداهما لا فرق بين نوم الليل ونوم النهار والثانية ان قام من نوم الليل كره كراهة تحريم وان قام من نوم النهار فكراهة تنزيه وبهذا قال داود * واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يدرى أين باتت يده والمبيت يكون في الليل والنهي للتحريم وأجاب أصحابنا بان الليل ذكر لأنه الغالب ونبه صلى الله عليه وسلم على العلة بقوله لا يدرى أين باتت يده وأمر بذلك احتياطا فلا يكون واجبا ولا تركه محرما كغيره مما في معناه والله أعلم *
(٣٤٩)