(الشرح) هذان القولان في صحة بيع جلد الميتة بعد الدباغ مشهوران والصحيح منهما عند الأصحاب هو الجديد وهو صحته وبه قال أبو حنيفة وجمهور العلماء: وقول المصنف لأنه حرم التصرف فيه ثم رخص في الانتفاع بعينه لأنه المفهوم من اطلاق الانتفاع وأما الانتفاع بثمنه فليس انتفاعا به ولا يلزم من كونه طاهرا منتفعا به ان يجوز بيعه فان أم الولد والوقف والطعام في دار الحرب بهذه الصفة ولا يجوز بيعها هذا هو الصواب في توجيه القديم: وأما ما يوجهه به كثير من الخراسانيين من قولهم إن منع بيعه إنما هو لكونه لا يطهر باطنه فضعيف كما قدمناه:
وأجاب الأصحاب عما احتج به للقديم من القياس على أم الولد والوقف وطعام دار الحرب بأن منع بيع أم الولد لاستحقاقها الحرية والوقف لا يملكه على الأصح وان ملكه فيتعلق به حق البطن الثاني: وطعام دار الحرب لا يملكه وإنما أبيح له أكل قدر الحاجة والمنع في مسألتنا للنجاسة وقد زالت فجاز البيع: فإذا جوزنا بيعه جاز رهنه وإجارته وإن لم نجوز بيعه ففي جواز اجارته وجهان كالكلب المعلم ذكره الماوردي والروياني وقال الروياني وقيل يجوز اجارته قطعا وإنما القولان في بيعه (1) ورهنه أما بيعه قبل الدباغ فباطل عندنا وعند جماهير العلماء وحكي العبدري عن أبي حنيفة جوازه * قال المصنف رحمه الله (وهل يجوز أكله ينظر فإن كان من حيوان يؤكل ففيه قولان قال في القديم لا يؤكل لقوله صلى الله عليه وسلم إنما حرم من الميتة أكلها وقال في الجديد. يؤكل لأنه جلد طاهر من حيوان مأكول فأشبه جلد المذكي: وإن كان من حيوان لا يؤكل لم يحل أكله لان الدباغ ليس بأقوى من الذكاة والذكاة لا تبيح ما لا يؤكل لحمه فلان لا يبيحه الدباغ أولى وحكى شيخنا أبو حاتم القزويني عن القاضي أبي القاسم بن كج أنه حكي وجها آخر أنه يحل لان الدباغ عمل في تطهيره كما عمل في تطهير ما يؤكل فعمل في اباحته بخلاف الذكاة) (الشرح) الحديث المذكور ثابت في الصحيحين وهو تمام حديث بن عباس المذكور في