ماله، سواء أجراه بعوض أم بغير عوض، وسواء كان العوض الذي يأخذه عن ماله قليلا أم كثيرا ولا ريب في ذلك أيضا.
ويستثنى من ذلك ما يوصي الانسان بانفاذه بعد موته، فإنه لا يصح إلا إذا كان المال الموصى به بمقدار ثلث ما يملك من الأموال ولا ينفذ في ما يزيد عليه، وهذا الاستثناء يجري في كل انسان من غير فرق بين الصحيح والمريض الذي لم يتصل مرضه بموته والمريض الذي يموت بسبب مرضه، وسيأتي تفصيله في كتاب الوصية إن شاء الله تعالى.
[المسألة 87:] تصح المعاوضات من المريض الذي يتصل مرضه بموته إذا كان العوض في المعاملة لا يقصر عن عوض المثل، فينفذ بيعه إذا باع الشئ بثمن مثله أو أكثر، وتنفذ إجارته إذا آجر الشئ بأجرة مثله أو أكثر وهكذا في جميع المعاوضات التي يوقعها على ماله، ولا خلاف في ذلك بين العلماء (قدس الله أرواحهم)، وتصح منه التصرفات الأخرى التي يوقعها في المال من صرف وانفاق على نفسه وعلى من يعوله ومن صرف وانفاق في النواحي التي يعدها العقلاء من شؤونه ومستلزمات شرفه ومكانته الاجتماعية، ولا يعدونها خارجة عن حدوده المتعارفة لأمثاله، وإن لم تكن تلك المصارف من المعاوضات، ولا خلاف في ذلك.
[المسألة 88:] ينحصر الخلاف بين العلماء في هذا الباب بالمنجزات، وهي التصرفات التي يجريها الانسان ليتحقق منه أثرها بالفعل وهو في حياته ولا تكون معلقة على حصول موته والتي تتصف بصفة المحاباة أو التبرع، فهي إما مجانية لا تشتمل على تعويض أو مبادلة، كالوقف والعتق والابراء والهبة من غير عوض والصلح من غير عوض، وإما معوضة بأقل من عوض المثل كالبيع بأقل من ثمن المثل، والإجارة بأدنى من أجرة المثل، والصلح والهبة بأقل من عوض المثل، أقول: ينحصر الخلاف في هذا النوع من التصرفات الفعلية المنجزة المشتملة على المحاباة أو التبرع إذا أوقعها المريض الذي يتصل مرضه بموته والعلماء في المسألة على قولين:
أحدهما أن تكون تصرفاته هذه نافذة منه من أصل ماله، سواء زادت