يلتفت عند الشراء أن شراءه لنفسه أو للمالك، فالظاهر أن المبيع يكون له لا من مال المضاربة، فإذا باعه وربح فيه يكون الربح له خاصة، وإذا دفع الثمن من مال المضاربة كان عاصيا. وإذا علم من حالته الوجدانية بحسب ارتكازه الاجمالي في نفسه وعادته التي يجري عليها في غالب أحواله من حيث كونه عاملا يتجر بمال غيره أنه يشتري للمالك وإن لم يلتفت إلى ذلك تفصيلا كان الشراء والربح من مال المضاربة، وصح له أن يدفع الثمن من مال المضاربة.
[المسألة 46:] عامل المضاربة أمين، فلا ضمان عليه، إلا إذا خان أمانته أو تعدى أو فرط فيها، وقد بينا هذا في المسألة الثلاثين وأشرنا إليه في عدة مسائل أخرى والخيانة هي أن يفعل ما يخالف الأمانة شرعا أو ينافيها شرعا وعرفا، ومن أمثلة ذلك أن يأكل بعض مال المضاربة بغير عذر أو سبب شرعي يحل له ذلك، أو يتصرف فيه تصرفا غير سائغ، كما إذا وطأ الجارية المشتراة للمضاربة بغير سبب أو عذر يبيح له الوطء أو استمتع بها بغير الوطء مما لا يجوز إلا بسبب محلل، وكما إذا استخدم الفرش والأمتعة من مال المضاربة في منزله بغير إذن أو سبب مجوز.
والتفريط أن يهمل أو يتسامح في حفظ ما يجب حفظه من الأموال، والتعدي أن يتجاوز ما حدد له الشارع أو أذن له المالك أو شرطه عليه في عقد المضاربة شرطا صريحا، أو دلت القرائن العامة أو الخاصة على اشتراطه في العقد.
فإذا خان العامل أمانته أو تعدى أو فرط فيها كان ضامنا لرأس المال، فإذا تلف جميعه أو تلف بعضه أو حدث فيه عيب كان عليه ضمانه، وإن كان حدوث التلف أو العيب بسبب حدوث آفة سماوية أوجبت ذلك.
وإذا كان تعدي العامل بمخالفته لما أمره به المالك أو لما نهاه عنه