ويكفي في إذن المالك أن يخوله ذلك على وجه العموم، فيقول له:
اعمل في المال حسب ما ترى، أو حسب ما تجده مصلحة، وإذا شرط إذنه بوجود المصلحة لم يجز له خلط المال بدونها.
[المسألة 34:] إذا أطلق المالك عقد المضاربة ولم يشترط فيه على العامل شرطا، وكان بين الناس نوع متعارف من البيع، أو من السلع، أو من الأمكنة والأحوال والأوقات ينصرف إليه الاطلاق في مضارباتهم ومعاملاتهم الدراجة بينهم، وكان هذا الانصراف والتعارف الشائع قرينة عامة على أن ذلك هو المراد في العقد، وكان كالشرط الصريح المذكور في العقد، فيجب اتباعه، وإذا خالفه العامل كان ضامنا لرأس المال إذا تلف أو نقص أو عاب، وضامنا للخسارة إذا حصلت، وإذا حصل من التجارة ربح مع ذلك كان مشتركا بين المالك والعامل على النحو الذي تقدم بيانه في المسألة الثالثة والثلاثين.
وإذا كان بين الناس نوع من البيع أو من المبيعات أو من الأمكنة وغيرها ينصرف عنه الاطلاق ولا يشمله الإذن في المضاربات والمعاملات الشائعة كان هذا الانصراف عنه قرينة عامة على عدم إرادة ذلك في العقد، فيكون خارجا عن عقد المضاربة، وإذا خالف العامل ذلك لم تجز معاملته لعدم الإذن من المالك فيها، ولا تصح إلا بإجازة المالك وامضائه للمعاملة التي أجراها العامل، فإن أجازها صحت وكان الربح فيها للمالك، وإن لم يجزها كانت باطلة، سواء كان العامل قد استوفى الثمن قبل أن يطلع المالك أم بعده.
[المسألة 35:] إذا أطلق المالك عقد المضاربة ولم يشترط على العامل فيه شيئا، ولم يعين له الانصراف والتعارف ببين الناس أمرا، جاز للعامل أن يتصرف في بيعه وشرائه وفي تعامله مع الناس واختياره الأمكنة والأزمنة والأجناس المبيعة حسب ما يراه ويعتقد بجدواه في معاملته وتحصيل الربح في تجارته إلا إذا التبس عليه الأمر في بعض الجهات، فيرجع إلى المالك أو يستشير بعض الخبراء في ذلك الأمر.