ويستثنى من الحكم المذكور اشتراط عدم فسخ المضاربة مطلقا أو إلى أجل معين، فإذا شرط ذلك في ضمن عقد المضاربة نفسه لم ينفذ الشرط، كما تقدم قريبا، وذلك لأن وجوب الوفاء بالشرط مشروط بوقوعه في ضمن العقد، ومن المعلوم أن الواجب المشروط لا يقتضي حفظ شرطه.
[المسألة 32:] إذا شرط المالك على العامل في المضاربة شرطا أو حدد له شيئا، لم يجز للعامل أن يتعدى عما حدد له أو شرط عليه، فإذا شرط عليه مثلا أن يتجر بالحبوب فقط، لم يجز له أن يتجز بغيرها، وإذا شرط عليه أن لا يتجر بالأقمشة، لم يجز له أن يتجر بها، وإذا شرط عليه أن لا يسافر بتجارته، أو أن لا يسافر بها في البحر، أو أن لا يسافر بها في أيام الشتاء، وجب عليه أن لا يخالف، وإذا حدد له نوعا من التجارة أو نوعا من البيع، أو زمانا معينا أو مكانا معينا، فقال له لا تبع إلا نقدا، أو إلا في سوق معين أو لا تشتر إلا من بلد معين، وجب عليه أن يتبع ما شرطه عليه ولا يتجاوز.
فإذا خالف العامل ما عين له المالك أو شرط عليه، كان ضامنا للمال إذا تلف كله أو تلف بعضه وكان ضامنا للخسارة إذا حصلت، وإذا ربح مع ذلك في تجارته كان الربح مشتركا بينه وبين المالك حسب ما اتفقا عليه في العقد.
[المسألة 33:] لا يجوز للعامل أن يخلط رأس المال المدفوع إليه بمال آخر، سواء كان المال الآخر لنفسه أم لغيره، بل وإن كان للمالك نفسه، إلا إذا رضي المالك له بخلطه، وإذا خلطه من غير إذن المالك كان ضامنا للمال إذا تلف جميعه أو تلف بعضه أو حدث فيه عيب، ولا تنفسخ المضاربة بذلك، فإذا ضارب به بعد الخلط فربح، كان الربح بين المالين بالنسبة، فإذا كان رأس المال ألف دينار وخلطه بألف دينار آخر، وتاجر بالألفين فربح مائتي دينار، فالربح الحاصل بين المالين بالمناصفة، وهكذا.