ثبت للمستأجر التخيير المتقدم ذكره في الفرض السابق، فيجوز له أن يفسخ الإجارة الأولى فيسترد الأجرة وأن يبقيها ويطالب الأجير بقيمة العلم المستأجر عليه.
وهل تصح الإجارة الثانية إذا أجازها المستأجر الأول، أو أسقط حقه في الإجارة الأولى، فيه اشكال فلا يترك الاحتياط فيه وفي فروعه، بل الظاهر العدم في الفرض الثاني فإن الحق في الإجارة لا يسقط بالاسقاط.
[المسألة 173:] الصورة الرابعة: أن يؤجر الشخص نفسه للمستأجر لعمل أو أعمال تكون في ذمة الأجير، على النهج الذي ذكرناه في الصورة الثالثة، ويشترط المستأجر في ضمن العقد على الأجير أن يأتي بالعمل المستأجر عليه بنحو المباشرة، ويكون الاشتراط بنحو تعدد المطلوب لا بنحو تقييد الإجارة بذلك.
فإذا آجر الشخص نفسه للعمل على هذا الوجه جاز للأجير أن يأتي بأي عمل شاء إذا كان لا ينافي الوفاء بالإجارة وبالشرط ولا يمنع منه، ولا يجوز أن يقوم بعمل ينافي ذلك، وإذا خالف الأجير هذا الحكم فأتى بالعمل المنافي له ثبت للمستأجر الخيار الذي تقدم بيانه في الصورة الثالثة وبيان لوازمه.
وإذا خالف الأجير فآجر نفسه لعمل ينافي الوفاء بالإجارة الأولى وبشرطها ثبت للمستأجر ذلك الخيار أيضا مع لوازمه المذكورة، وأمكن للمستأجر أن يسقط شرطه للمباشرة فإذا أسقط الشرط وجب على الأجير أن يفي بكلتا الإجارتين، فيفي بالإجارة الأولى للمستأجر الأول ويأتي بالعمل له لا بنحو المباشرة، ويفي بالإجارة الثانية للمستأجر الثاني ويأتي بالعمل له بنحو المباشرة، ويستحق بذلك كلتا الأجرتين.
وهل يصح للمستأجر الأول أن يجيز الإجارة الثانية؟ يشكل الحكم بصحة ذلك، ولا تترك مراعاة الاحتياط فيه.