يؤجر العين من غيره، وإذا هو آجرها كذلك كانت هذه الإجارة باطلة كما ذكرناه في المسألة المتقدمة.
والحكم ببطلان الإجارة الثانية في هذه الصورة يختص بما إذا كانت هذه الإجارة على الغير منافية للقيد المأخوذ في عقد الإجارة الأولى، فإذا كانت الإجارة الثانية لا تنافي قيد الإجارة الأولى فهي صحيحة.
ومثال ذلك كما أفاده بعض الأكابر أن يؤجر المالك داره على امرأة، ويقيد إجارته بأن تكون المرأة هي التي تسكن الدار المستأجرة بنفسها، ثم تتزوج المرأة المذكورة بعد استئجارها الدار، فيكون اسكانها واجبا على زوجها لأنه من نفقتها الواجبة عليه، فإذا احتاج الزوج إلى دار لاسكان زوجته المذكورة فيها، جاز للمرأة أن تؤجر زوجها الدار المتقدم ذكرها لتسكنها بنفسها وتصح الإجارة عليه لأنها لا تنافي قيد الإجارة الأولى من المالك.
ويجري مثل ذلك في بقية الأفراد الذين تجب نفقتهم على الشخص، فإذا استأجر الرجل دارا ليسكنها بنفسه وقيد المالك الإجارة بذلك، وكان الرجل المستأجر للدار واجب النفقة على ولده، وأراد الولد دارا يسكن فيها أباه، صح للأب أن يؤجر ولده الدار المتقدم ذكرها لاسكانه بنفسه، وهكذا في الأم والولد.
[المسألة 157:] إذا آجر المالك العين من أحد، واشترط عليه في ضمن العقد أن لا يؤجر العين من آخر، وقبل المستأجر بالشرط، لم يجز للمستأجر أن يؤجر العين من غيره، وإذا خالف الشرط فأجرها من أحد كانت هذه الإجارة باطلة، وإذا استوفى المستأجر الثاني منفعة العين، فالحكم في الضمان نظير ما تقدم في المسألة المائة والخامسة والخمسين.
وكذلك إذا اشترط المالك على المستأجر في ضمن العقد أن يستوفي المنفعة بنفسه لنفسه ومثله ما إذا انصرف العقد إلى اعتبار المباشرة في استيفاء المنفعة لقرينة عامة أو خاصة تقتضي ذلك، فيكون هذا الانصراف بحكم الشرط في ضمن العقد، فلا يجوز للمستأجر أن يؤجر العين من غيره