ومن أمثلة ذلك أن يملك المنفعة ثمنا لمبيع قد باعه، وأن تملك المرأة المنفعة صداقا لها في زواجها، وأن يملكها الرجل من زوجته عوضا في خلع أو مباراة، وأن يملكها الشخص بوصية من أحد له بالمنفعة أو وقف على أن تكون منفعة العين الموقوفة ملكا له، فإذا ملك المنفعة بأحد هذه الوجوه أو غيرها ولم يملك العين، جاز له أن يؤجر تلك المنفعة لغيره مدة معينة فيملكها إياه وتصح الإجارة منه إذا تمت شروطها، سواء كان المستأجر منه هو المؤجر الأول الذي ملكه المنفعة أم غيره.
[المسألة 152:] الواجب في الإجارة هو تسليم المنفعة المقصودة للمستأجر ليستوفيها بعد ما ملكها بالعقد، وأما العين المستأجرة فإنما يجب على المؤجر تسليمها للمستأجر إذا توقف عليه استيفاء المنفعة، كما إذا آجره الدار للسكنى، فإن سكنى الدار لا يمكن أن يتحقق بدون تسليم الدار المعينة للمستأجر للكون والإقامة فيها، وكما إذا آجره الحانوت والمخزن لحفظ البضائع، وعرضها والبيع والشراء فيهما، فإن استيفاء هذه المنافع لا يكون إلا بعد تسلم الحانوت والمخزن من مالكهما واستعمالهما في الوجه المقصود، وكما إذا استأجر الرجل أدوات الخياطة أو آلات النساجة أو النجارة أو الحدادة للانتفاع بها في عمله، فإن استيفاء منفعة هذه الأدوات والآلات لا يمكن أن يكون إلا بعد تسليم المؤجر إليه هذه الأعيان ليدير بها عمله، فيكون تسليم العين المستأجرة واجبا على المؤجر في هذه الفروض وأمثالها.
وإذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على تسليم العين، وأمكن أن يستوفي المستأجر منفعته المقصودة والعين المستأجرة بيد مالكها أو بيد من ينوب عنه، لم يجب على المؤجر تسليم العين إليه، كما إذا استأجر السيارة أو السفينة، أو الدابة للركوب، فإن من الممكن أن يركب المستأجر السيارة ويتنقل فيها وهي بيد مالكها أو من ينوب عنه ويكون هو المتولي لقيادتها كما هو المتعارف، وكذلك السفينة والدابة ووسائل النقل الأخرى، وكما إذا استأجر الدار لمنفعة يمكن استيفاؤها والدار بيد مالكها، كما يستأجر النزلاء والمسافرون الفندق للنزول والمبيت، والاستراحة