ويستثنى من ذلك أن يتولى الانسان الولاية والمنصب من قبله في الأمور المشروعة التي لا مخالفة فيها لأحكام الدين وهو يقصد أن يقوم في وظيفته بمصالح إخوانه المسلمين والمؤمنين ويحفظ بها شؤونهم ويرد بذلك العادية والظلم عنهم، فيجوز له الدخول في هذه الأعمال بهذا القصد، بل يحسن ويحمد منه، فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد عليه السلام كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الأخوان. وروي عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام: إن لله تعالى بأبواب الظالمين من نور الله به البرهان ومكن له في البلاد، ليدفع بهم عن أوليائه ويصلح الله بهم أمور المسلمين، إليهم يلجأ المؤمن من الضرر وإليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا، وبهم يؤمن الله روعة المؤمن في دار الظلم، أولئك هم المؤمنون حقا، إلى آخر الحديث.
ويستثنى من ذلك ما إذا أجبره الظالم على الدخول في العمل، بحيث يخشى مع عدم إجابته على نفسه أو على أهله وأقاربه وإخوانه ممن يهمه أمرهم، فيجوز له ذلك، إذا لم تكن فيه إراقة دماء محترمة أو هتك أعراض قوم مسلمين أو نهب أموالهم وايقاع الخوف والحرج عليهم وأشباه ذلك.
[المسألة 44:] يجوز للانسان أن يأخذ الجائز أو الهدية التي يدفعها إليه السلطان كما يجوز له أن يأخذ منه أو من وكيله ثمن الشئ الذي يشتريه السلطان منه ويدفع إليه ثمنه من الأموال التي بيده، وإن كان يعلم على وجه الاجمال أن بعض الأموال التي بيده من الحرام، فلا يمنع هذا العلم الاجمالي من قبول جوائزه وهداياه والأعواض التي يدفعها في معاملاته من بيوع وإجارات ومصالحات وضمانات أو تعهدات يجريها السلطان باختياره ثم يدفع أعواضها أو يدفعها وكيله بإذنه.
إلا إذا علم المدفوع إليه أن المال الذي دفع إليه بعينه مغصوب، فيجب رده إلى مالكه إذا عرفه بعينه، وإذا تردد مالك ذلك المال بين جماعة محصورين في العدد وجب عليه استرضاؤهم جميعا إذا أمكن، فإن لم يمكن ذلك رجع في تعيين المالك إلى القرعة.