في الأخذ، وإن لم تدل القرائن على تعيين قدر معين له أخذ منه أقل ما يحتمل، وهو القدر المتيقن مما أذن فيه، وإن لم تدل القرائن على الإذن في الأخذ لم يجز له أن يأخذ منه شيئا.
وإذا كان الرجل فقيرا فدفع إليه انسان مبلغا من مال الزكاة ليصرفه في مصارف الزكاة من الفقراء وغيرهم، أو كان هاشميا محتاجا، فدفع إليه مبلغا من الخمس ليدفعه إلى الهاشميين المحتاجين، فإن علم ولو من القرائن أن وكالته شاملة للدفع إلى نفسه، صح له أن يأخذ منه بمقدار ما يعطي غيره وإن لم يعلم ذلك لم يجز له أن يأخذ منه شيئا.
وكذلك الحكم في الصرف من ذلك المال على عياله، فلا يجوز له أن يصرف عليهم منه شيئا إلا إذا علم بأن وكالته في صرف المال شاملة لذلك.
[المسألة 52:] يكره للانسان أن يتخذ بيع الصرف حرفة له، وقد ورد في ذلك أنه لا يسلم من الربا، ولعل المراد أنه لا يسلم ولو من حب الربا ليتوفر بذلك ماله، فيهون عليه أمر هذا المحرم العظيم، ولا يكره أن يتولى بيع الصرف في بعض الأوقات مع التحفظ عن الوقوع في ما لا يحمد، ويكره كذلك أن يتخذ بيع الأكفان حرفة له، وقد علل ذلك في النصوص بأنه لا يسلم من أن يسره الوباء وكثرة الموتى، ولا يكره أن يبيع الكفن في بعض الأحيان.
ويكره أن يحترف ببيع الطعام، فإنه لا يسلم من الاحتكار وحب الغلاء، ولعل المراد أنه لا يسلم ولو من حب الاحتكار فيهون عليه أمر المحرم.
ويكره أن يكون نخاسا، وهو الذي يتخذ بيع العبيد والإماء صنعة له، وقد ورد إن شر الناس من باع الناس.
ويكره أن يكون جزارا وهو الذي يتخذ ذبح الحيوان ونحر الإبل حرفة له، وقد ورد إن هذه الحرفة تورث قسوة القلب وسلب الرحمة.