عنه في المعاملة فرعين لا يلتقيان في أصل واحد، فلا ريب في أنهما جنسان ومثال ذلك أن يبيع الرجل بعض فروع الحنطة ببعض فروع الأرز أو فروع الحبوب الأخرى، أو فروع التمر أو العنب، فيجوز البيع في ذلك وإن تفاوت العوضان في المقدار، وكذلك إذا كان العوضان في المعاملة فرعين يلتقيان في أصل واحد، ولا يتفرع أحدهما على الآخر، فهما جنسان أيضا، ومثال هذا أن يبيع الرجل سويق الحنطة بخبزها، أو يبيع الهريسة بدقيق الحنطة أو بخبزها أو بسويقها، فإن العوضين في هذه الأمثلة لا يتفرع أحدهما على الآخر وإن كان الجميع فروعا لأصل واحد وهو الحنطة، فهما جنسان مستقلان كالسابق، فيجوز بيع أحدهما بالآخر وإن تفاوتا في المقدار، ويجوز بيع خل التمر بدبس التمر، وبيع خل العنب بعصير العنب وهكذا.
وإذا كان العوضان فرعين عن أصل واحد، ويتفرع أحدهما عن الآخر لوحظ في أمرهما المقياس الذي تقدم ذكره في المسائل المتقدمة، فإذا كان تفرع العوض عن صاحبه قد حصل بتبدل بعض صفاته، ومثال ذلك أن يبيع الخبز بالدقيق، فإن الخبز فرع عن الدقيق وتفرعه عليه قد حصل بتبدل بعض صفاته، ونتيجة لذلك فالخبز والدقيق جنس واحد فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر مع التفاوت، وكذلك الحال في الدقيق والسويق.
وإذا كان أحد الفرعين يتفرع إلى الآخر بنحو يكون مستخرجا منه أو مركبا منه ومن غيره فهما جنسان كما تقدم فلا يحرم بيع أحدهما بالآخر مع التفاوت، فيجوز بيع الزبد بالمخيض، ويجوز بيع الدهن بالمخيض لأنهما من هذا القبيل.
[المسألة 348:] المدار في كون الشئ مكيلا أو موزونا على ملاحظة العوض الذي جرت عليه المعاملة بنفسه لا على ملاحظة أصله، فإذا كان بنفسه مما يكال أو يوزن فهو ربوي لا يجوز بيعه بجنسه مما يكال أو يوزن أيضا مع التفاوت بين العوضين في المقدار، وإن كان أصله غير مكيل ولا موزون وإذا كان العوض بنفسه غير مكيل ولا موزون لم يجر فيه حكم الربا