والمدار في ذلك على وحدتهما في الجنس في نظر أهل العرف، بحيث يصدق اسم ذلك الجنس الواحد على كل منهما صدقا حقيقيا، فيكون صدق الاسم الواحد عليهما كاشفا عن وحدتهما في الحقيقة النوعية، ولا ينافي ذلك اختلاف الفردين في بعض الصفات والخواص، فالحنطة مثلا جنس واحد وإن اختلفت أصنافه في الرداءة والجودة والطعم، والمشخصات الأخرى، وكل واحد من العنب والتمر والأرز والماش والذرة والعدس جنس مستقل عن الغلات والحبوب الأخرى وإن اختلفت أصناف الجنس الواحد منها بعضها عن بعض في الصفات والخواص.
فإذا كان العوضان من جنس واحد في نظر أهل العرف لم يجز بيع أحدهما بالآخر مع الزيادة في أحدهما، ومع وجود الشرط الثاني الآتي ذكره. فلا يجوز بيع الحنطة بالحنطة مع الزيادة المذكورة ولا بيع التمر بالتمر، ولا بيع الأرز بالأرز ولا العدس بالعدس مع التفاوت بين العوضين وإن اختلف أحدهما عن الآخر في الصفة، بل وإن اختلفا في القيمة، ويجوز ذلك إذا كان الجنس متعددا، فيجوز بيع من من الحنطة بمن ونصف من الأرز أو بمنين من التمر أو من الماش أو العدس وبالعكس.
[المسألة 332:] ذكرنا في الشرط الأول المتقدم إن المدار فيه على وحدة العوضين في الجنس عرفا، بحيث يصدق اسم ذلك الجنس عليهما صدقا حقيقيا، وقد يتوهم بعض الناس من ذلك أن اسم الغلة مثلا أو اسم الطعام يطلق عرفا على كل من الحنطة والأرز والتمر والعنب، ويصدق عليها صدقا حقيقيا، واسم الحب كذلك يطلق عرفا على الحنطة والأرز والذرة والعدس وأمثالها وذلك يقتضي أن يحرم بيع الحنطة بالتمر أو العنب مع زيادة أحد العوضين لأنهما من الغلة ويحرم بيع الحنطة بالأرز أو بالماش أو العدس كذلك لأنهما من الحب.
وهذا التوهم واضح الفساد، فإن كلمة الغلة أو الحب أو الطعام ليست اسما لحقيقة نوعية واحدة في نظر أهل العرف لتدخل في الضابطة المتقدم ذكرها، وإنما هي ألفاظ عامة يراد بها عند استعمالها الإشارة