فإذا ثبت هذا فإنه يحكم له به، ويستحب أن يذكر النسب، فيقول: هذا ابني ولد على فراشي، أو يقول: أولدته من جاريتي، لأنه ربما يظن هذا الملتقط ويعتقد أن بالالتقاط يصير ابنه، وإن لم يذكر جاز، ويثبت النسب، ويرث ويورث مثل الناسب.
وإن ادعى أجنبي بأنه ابنه فالحكم فيه كما ذكرنا في الملتقط سواء، وينزع من يد الملتقط ويدفع إليه لأنه أبوه وهو أولى به.
فإن ادعى أجنبيان كل واحد منهما أنه أبوه، فإن كان مع أحدهما بينة يحكم له بها، وإن أقام كل واحد منهما بينة فقد تعارضتا وحكم بالقرعة، وفي الناس من قال: يبطلان ويرجع إلى القافة.
فإذا اختلف الملتقط والأجنبي، ومعناه من يلتقطه، لأن الملتقط أيضا أجنبي مثل أن وجد أحدهما لقيطا وبقى في يده أياما ولم يدع أنه ابنه فجاء آخر وادعى أنه ابنه، ثم ادعى الملتقط أنه ابنه نظرت: فإن ادعيا دفعة واحدة فالحكم فيها كالحكم في الأجنبيين سواء.
فإن ادعى الملتقط فقد ثبت دعواه في حال لم يكن منازع، فمتى ادعى الأجنبي بعد ذلك فيقال له: ألك بينة؟ فإن قال: نعم، وأقامها، قيل للملتقط: ما تقول؟ فإن قال: ليس لي بينة، فإنه يحكم للثاني، لأن البينة أولى من الدعوى، وإن قال: لي بينة، فقد حصل مع كل واحد منهما بينة وقد تعارضتا، وقد مضى القول فيها، واليد لا تأثير له هاهنا، لأن اليد إنما يكون له تأثير فيما يملك، والنسب ليس كذلك.
ومن قال: تبطل البينتان، وقال: نريه القافة، فإن قالت: للأول، ألحقنا به، وإن قالت: هو للثاني، حكم للثاني، وإن قالت: هو ابن لهما، تحقق خطأها، لأنه لا يجوز أن يكون ابنا لهما ويوقف حتى يبلغ ويختار.
فإذا أراد الاختيار قيل له: اختر ولا تختر أنظفهما ولا أغناهما وإنما تختار لما يميل إليه طبعك.