فصل: في تفريع القطائع وغيرها:
القطائع جمع قطيعة، والقطيعة القطعة من الأرض المقطوعة " فعيل بمعنى مفعول " والقطائع ضربان أحدهما يملك بالإحياء، وهو الموات، وقد ذكرنا حكمه، والثاني الإرفاق، وهو أن يقطعه موضعا يجلس فيه في المواضع الوسعة في الطرقات ورحاب الجوامع.
قال قوم: للسلطان أن يقطع ذلك، لأن له في ذلك يدا وتصرفا كما أن له أن يحفر في الطريق بئرا للمطر من الطريق، وله أن يمنع غيره من ذلك حسب ما يراه من المصلحة، ويقوى في نفسي أنه ليس له ذلك لأن الناس في ذلك شرع سواء، ولا دليل على جوازه.
فمن أجازه قال: إذا أقطع رجلا موضعا من ذلك فإنه أحق به من غيره، وإن كان بعد لم يشغله، وإذا وضع متاعه فيه ثم قام وحوله كان أحق بذلك الموضع وإن كان قد حول متاعه، وليس له أن ينصب فيه مستندا ولا يبني فيه دكة، لأن ذلك مما تستضر به المارة.
وكذلك إذا سبق إلى موضع من تلك المواضع كان أحق بها من غيره لأن ذلك جرت به عادة أهل الأعصار يفعلون ذلك، ولا ينكره أحد، غير أنه لا يجوز أن يبني دكة ولا ينصب مستندا لما تقدم، فإذا قام عن ذلك الموضع فإن ترك رحله فيه فحقه باق، وإن حول رحله منه انقطع حقه منه، فمن سبقه بعد ذلك إليه كان أحق به منه.
وهكذا الحكم في المسجد، فمن سبق إلى مكان كان أحق به، فإن قام وترك رحله فيه فحقه باق، وإن حوله زال حقه، والمسجد لا خلاف فيه، وفيه نص لنا عن الأئمة عليهم السلام.
فأما إذا سبق اثنان إلى موضع من تلك المواضع ففيه وجهان: أحدهما يتقارعان وهو الصحيح، والثاني يقدم الإمام من شاء منهما.
وأما المعادن الباطنة مثل الذهب والفضة والنحاس والرصاص وحجارة