مضى، وإن كان معهما بينة نظرت: فإن كان مع إحديهما فإنه يحكم لها ويثبت النسب ويلحق بها وبزوجها، وإن كانت معهما بينة فقد تعارضتا، وقد مضى القول فيهما.
رجل وجد لقيطا فادعى آخر أنه عبده، فإنه تسمع هذه الدعوى لأنه يجوز أن أمته جاءت به من زنا أو من زوج، ويمكن أن يكون صادقا، فإذا أمكن كونه صادقا سمعت دعواه، وهكذا إن ادعى الملتقط أنه عبده فإنه تسمع منه دعواه لجواز كونه صادقا، إلا أن هذه الدعوى لا يحكم بها إلا بعد أن يقيم البينة، فإن لم يكن معه بينة فلا حكم، لأن ما يدعيه خلاف الظاهر، لأن ظاهره الإسلام والحرية بحكم الدار.
والبينة شاهدان، أو شاهد وامرأتان، ولا تقبل شهادة أربع نسوة، إذا ثبت ذلك فلا يخلو حال البينة من ثلاثة أحوال: إما أن يشهدوا بالولادة، أو يشهدوا بالملك، أو يشهدوا باليد.
فإن شهدوا بالولادة فقالوا: هذه ولدته أمته في ملكه، فإنه يحكم بملكه، لأنها أثبتت الملك، وإن شهدا أن هذا ابن أمته أو ولدته قال قوم: يكون رقيقا لأن ولد الأمة يكون رقيقا، ومنهم من قال: لا يكون رقيقا لأنه يجوز أن يكون ولدته قبل أن ملكها.
والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يكون رقيقا لجواز أن يكون ولدته من زوج حر فيكون حرا عندنا، لأنه يلحق بالحرية.
فأما إن شهدا بالملك فقالا: هذا ملكه، فإن عزياه إلى سبب مثل الإرث والهبة والشراء فإنه يحكم له بالملك، وإن لم يعزياه إلى سبب فهل يكون ملكا؟
قيل فيه قولان: أحدهما يكون ملكا لأن البينة شهدت بالملك، والقول الثاني لا يكون ملكا لأنه يجوز أن يكون قد رآه في يده - يد الالتقاط - وظنوا أنه ملكه، والأول أقوى.
فأما إن شهدوا باليد فقالوا كانت يده عليه أو كان في يده نظرت: فإن كان