فأما ما كان مدفونا تحته فإنه لا يكون يده عليه، لأن بينه حائلا كالكنز، وكذا ما كان بعيدا منه مثل رزمة ثياب أو صرة أو دابة بعيدة منه، فإنه لا يكون يده عليه، وهذا كله لا خلاف فيه، فأما ما كان قريبا منه مثل أن يكون بين يديه صرة أو رزمة فهل يحكم بأن يده عليه أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: لا يكون يده عليه، لأن اليد يدان، يد مشاهدة ويد حكمي، فيد المشاهدة ما كان متمسكا به، ويمسك بيده، ويد الحكمي ما كان في بيته ويتصرف فيه، وهذا ليس بأحدهما.
والوجه الثاني: يكون يده عليه، لأن العادة جرت بأن ما يكون بين يديه يكون يده عليه، مثل البنيكة بين يدي الطواف والميزان وغيرهما فإن يده عليه، وهذا أقوى.
وفي الناس من قال: فلو كان هذا المنبوذ مطروحا على دكة فما يكون على الدكة يكون يده عليه، فإذا ثبت هذا فإنه لا يخلو: أن يوجد في ملك إنسان أو في غير ملك.
فإن وجد في ملك الغير، فإن ما يكون معه لصاحب الملك كرجل وجد ثوبا في دار رجل فإنه يكون لصاحب الدار.
فأما إن وجده في طريق نظرت: فإن كان في طريق منشاة، وكان مما لا يجوز أن يبقى من الجاهلي مثل الحيوان والطعام والثياب، فكل ما كان حيوانا حكمه حكم الضوال، ويلحق بالضوال، وما يكون من الطعام وغيره يكون حكمه حكم اللقطة.
وإن وجده في طريق موات وكان من ضرب الجاهلية، فإن كان على وجه الأرض يكون لقطة، وإن كان مدفونا في أرض ميتة فلا يخلو من ثلاثة أقسام:
أحدها أن يكون من ضرب الإسلام، والثاني ما يكون من ضرب الجاهلية، والثالث مالا يعرف هل هو من ضرب الإسلام أو من ضرب الجاهلية؟
فإن كان من ضرب الإسلام فإنه يكون لقطة، وما كان من ضرب الجاهلية