الجهل بحاله، فهل تبرأ ذمته أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما لا تبرأ وهو الصحيح، والثاني أنه تبرأ.
وإن غصبه دابة وشعيرا فأطعمه إياها لم يبرأ بلا خلاف، وإن غصب حطبا فاستدعى مالكه فقال: أسجر به التنور واخبز به، لم يزل الضمان عنه بلا خلاف.
إذا فتح قفصا أو حل دابة وهيج كل واحد منهما ونفره حتى ذهب فعليه الضمان بلا خلاف، لأنه سبب ملجئ يتعلق الضمان به، كما لو حفر بئرا ثم دفع فيها بهيمة أو إنسانا، كان عليه الضمان لأنه ألجأه، وإن وقفا ثم ذهبا لا ضمان عند الشافعي عليه، ويقوى عندي أن عليه الضمان، وإن خرجا عقيب الحل والفتح بلا وقوف كان عليه الضمان أيضا.
وإن فتح مراحا للغنم فخرجت الغنم ودخلت زرع إنسان فأفسدته كان ضمان الزرع على من فتح المراح بلا خلاف، ولو حبس عبدا له وأغلق الباب عليه ففتح غيره الباب، فذهب العبد عقيب الفتح من غير فصل لا ضمان عليه عندهم كلهم، ويقوى في نفسي أنه يلزمه الضمان.
إذا حل رأس زق أو راوية فخرج ما فيها لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون مائعا أو جامدا، فإن كان مائعا كالخل والدهن والماء نظرت: فإن كان خروجه بحله، مثل أن كان مطروحا على الأرض لا يمسكه غير شد الزق فعليه الضمان بلا خلاف، لأنه خرج بفعله، وإن جرى بعد الحل بسبب كان منه، مثل أن كان مستندا معه معتدلا فلما حله جرى بعضه فخف هذا الجانب وثقل الجانب الآخر، فوقع واندفق، أو أنزل ما جرى أولا إلى تحتها قبل الأرض فلانت، فمال الزق فوقع، فاندفق ما فيه، فعليه أيضا الضمان ولأنه بسبب منه.
وإن اندفق ما فيه بفعل حادث بعد الحل، مثل أن كان مستندا فحله وبقى مستندا محلولا على ما هو عليه، ثم حدث ما حرك الزق من ريح أو زلزلة أو حركة النار فسقط فاندفق، فإن السبب يسقط حكمه، لأنه قد حصلت مباشرة وسبب غير ملجئ فيسقط حكمه بلا خلاف.