فإن كان لا حرمة له كالخنزير والكلب العقور فالحكم فيه كما لو خاط به ثوبا وقد مضى، وإن كان حيوانا له حرمة لم يخل من أحد أمرين: إما أن يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه، فإن كان لا يؤكل لحمه كالإنسان والبغل والحمار عند المخالف نظرت:
فإن خاف من قلعه التلف أو الزيادة في العلة لم يقلع، لأن له حرمة في نفسه ونهى النبي صلى الله عليه وآله عن إتلافه في نفسه، فلم يكن عليه الرد وعليه القيمة.
وإن لم يخلف الزيادة في العلة ولا التلف فإن لم يخف شيئا ولا إبطاء برء كان عليه القلع والرد، وإن خاف شيئا أو إبطاء البرء فهل عليه القلع أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما عليه، لأنه لا يخاف الزيادة، والثاني ليس عليه، لأن في رده إدخال الضرر على الحيوان، وهو الصحيح.
وإن كان الحيوان مأكول اللحم كالنعم وغيرها فهل عليه رده أم لا؟
الصحيح أنه لا يجب، وقال قوم: إنه يرد لأنه ليس فيه أكثر من إدخال الضرر على ملك الغاصب، فهو كالساجة إذا بنى عليها، والقول الأول أصح لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذبح الحيوان لغير أكله.
إذا غصب طعاما فأطعم رجلا، لم يخل الآكل من أحد أمرين: إما أن يكون مالكه أو غير مالكه:
فإن كان غير مالكه فالكلام في ثلاثة فصول: في الضمان، وقدر الضمان وفي الرجوع.
فأما الضمان فله أن يضمن من شاء منهما، فله أن يضمن الغاصب، لأنه حال بينه وبين ماله، وله أن يطالب الآكل لأنه أكل مال غيره بغير حق، ولأنه قبضه عن يد ضامنه.
وأما قدر الضمان عليه فله أن يطالب الغاصب بأكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف لأنه سبب يد الآكل، وإن طالب الآكل فإنه يطالبه بأكثر