وأصل هذا الباب وما في معناه أنه إن فعل فعلا بيده كان الضمان عليه كما لو باشر القتل، وإن كان من سبب نظرت: فإن كان ملجئا مثل أن حفر بئرا فوقع فيها إنسان في ظلمة فعليه الضمان، وإن حصل به سبب وحدث بعده فعل سقط حكم السبب، ثم نظرت في المباشر: إن كان مما يتعلق به الضمان ضمن، كالحافر والدافع والممسك والذابح، وإن كان مما لا يضمن فعله سقط حكمه كالطائر يذهب بعد وقوفه عندهم، وقد قلنا ما عندنا فيه.
وأما إن كان ما في الزق جامدا كالدقيق والسمن والعسل فحلها نظرت:
فإن كان على صفة لو كان ما فيها مائعا لم يخرج وبقى بحالها ثم ذاب ما فيها فاندفع بسبب آخر فلا ضمان عليه، وإن كان على صفة لو كان مائعا خرج ثم ذاب حر الشمس أو الصيف وخرج، فهل عليه الضمان؟ على وجهين: أحدهما لا ضمان عليه لأنه خرج بسبب بعد الحل، والثاني - وهو الصحيح - أن عليه الضمان لأن خروجه بسبب كان منه، لأنه حل الزق ولم يحدث بعد الحل مباشرة من غيره وإنما ذاب بحر الشمس، فإذا لم يحدث بعد حله فعل كان ذهابه بسراية فعله، كما لو جرح رجلا فسرى إلى نفسه ثم مات، فعليه الضمان.
إذا ادعى دارا في يديه لم تسمع الدعوى حتى يعينها، والتعيين أن يذكر الموضع والحدود، فإذا فعل هذا نظرت: فإن أنكر المدعى عليه حلف وانصرف، وإن قال: صدق له في يدي دار، قلنا: صف الدار، فإذا وصفها لم يخل المدعي من أحد أمرين: إما أن يقبل ما وصفه أو يرد.
فإن قيل التي وصفها وقال: صدق هذه الدار التي وصفها داري، ففيه ثلاث مسائل إحداها: قال: قد أقر لي بما ادعيته، ووصف ما أقر به، قلنا له: تسلم الدار وانصرف.
الثانية: قال أقر لي بغير ما ادعيته ووصف ما أقر به، قلنا له: فاقبض التي وصفها واستحلفه على شئ واحد، وهو أنك لا تستحق عليه التي ادعيتها.
الثالثة: قال: أقر بما ادعيته ووصف غير ما أقر به، قلنا: فاقبض التي وصفها